أنا الذي سمَّتني أمِّي حيدرة

0
6







أنا الذي سمَّتني أُمِّي حيدرة

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

ما حكم الافتخار في الحرب كأنْ يقول: “أنا كذا وكذا” في المبارزة مثلا ؟ وما مدى صحَّة ما رُوِيَ عن أمير المؤمنين (ع) بأنّه كان يقول: “أنا الذي سمَّتني أمِّي حيدرة .. إلخ”؟

الجواب:

الافتخار بما هو صدق جائزٌ مطلقًا إذا لم يترتَّب عليه إهانة مؤمنٍ أو إيذاؤه، وهو في الحرب على أعداء الله تعالى راجحٌ لرجحان التمظهُر بمظهر العزَّة أمام الكافرين والذي هو -أي الافتخار- واحدٌ من وسائله، قال تعالى: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾(1) ولأنَّ الافتخار يُساهم عادةً في إدخال الضعف والوهن في نفوس أعداء الدين. وقد ثبت عن النبيِّ (ص) أنَّه كان يقول على سبيل الافتخار وهو على بغلته البيضاء يوم حنين: (أنا النبيُّ لا كذب أنا ابنُ عبدِ المطلب) أورد ذلك الكثيرُ من محدِّثي العامَّة كأحمد في مسنده، والبخاري في صحيحه، ومسلم في صحيحه، والترمذي في سننه، والبهقي في السنن الكبرى وغيرهم(2) .

وأمَّا الخبر المُشار إليه في السؤال فهو مرويٌّ من الفريقين، وممَّن رواه من علماء السنة مسلم في صحيحه(3) والحاكم في المستدرك ووصفه بالصحة(4)، ورواه أحمد في مسنده(5) ورواه البيهقي في السنن الكبرى(6) ورواه ابن حبَّان في صحيحه(7) والطبراني في المعجم الكبير(8) وابنُ عبد البر في الاستيعاب(9) وغيرهم كثير.

ونحن هنا نورد ما رواه البيهقي في السنن الكبرى بسنده عن إياس بن سلمة بن الأكوع قال: حدَّثني أبي قال: قدمنا مع رسول الله (ص) فذكر الحديث بطوله قال: فأرسل رسولُ الله (ص) إلى عليٍّ (ع) يدعوه وهو أرمد فقال: “لأُعطينَّ الراية اليوم رجلاً يُحبُّ الله ورسولَه ويحبُّه اللهُ ورسولُه قال: فجئتُ به أقوده، قال: فبصق رسولُ الله (ص) في عينيه فبرأ فأعطاه الراية، قال: فبرز مرحب -اليهودي- وهو يقول:

قد علمتْ خيبرُ أنِّي مرحب ** شاكي السلاح بطلٌ مجربُ

إذا الحروبُ أقبلت تلتهبُ

قال فبرَزَ له عليٌّ (ع) وهو يقول:

أنا الذي سمَّتني أمِّي حيدرة ** كليث غاباتٍ كريه المنظره

أوفيهمُ بالصاع كيلَ السندرة

فضرب مرحبًا ففلق رأسه فقتلَه، وكان الفتح. قال: أخرجه مسلم في الصحيح من وجهٍ آخر عن عكرمة بن عمار.

ورواه الحاكم أيضًا بسنده عن عكرمة بن عمار قال حدَّثنا إياس بن سلمة قال: حدَّثني أبي قال شهدنا مع رسول الله (ص) خيبر حين بصق رسول الله (ص) في عيني عليٍّ (ع) فبرأ فأعطاه الراية فبرز مرحب ..”.

قال الحاكم هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلم ولم يُخرَّجاه(10).

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور



المصدر


اكتشاف المزيد من مركز الكوثر الثقافي التعليمي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد