انا اتغير … همسات تنموية
انا اتغير … همسات تنموية
إذن …
الشارطة الأولى … قال عز من قال (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) ( الرعد ـ 11) .
الشارطة الثانيـة … قال رسول الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم (( إذا أتى علي يوم لا أزداد فيه علما يقربني من الله تعالى فلا بورك لي في طلوع شمس ذلك اليوم )) .
الشارطة الثالثـة … قال امير المؤمنين عليه الصلاة والسلام (( من تساوى يوماه فهو مغبون ، ومن كان أمسه أفضل من يومه فهو ملعون ، ومن لم يرى الزيادة في دينه فهو إلى النقصان ، و من كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة )) .
التغيير بكسر الياء عامة ، هو التحول من حال الى حال ، وهناك نوعان منه ، تغير نحو الاحسن واخر نحو الاسوء ، والقدرة على التغيير إنما هي من متضمنات ” إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيل إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ” ، لذا فانتِ من يقرر التغيير من عدمه ، ومصداق ذلك ، ابن نوح الذي قرر ان لا يتغير ، في حين قررت امرأة فرعون ان تتغير ، رغم ان الأول منهما قد نشأ تحت رعاية اكبر داعية في عصره ، في حين نشأت هي تحت سقف اكبر طاغية في عصرها .
صحيح ان المرء منا يواجه عوائق التغيير ، لأنه بطبعه ميال الى ما اعتاد عليه ، مما صيّر له ــ التغيير ــ صعوبات عديدة ، وعليه ، فمن يرغب بالتغيير ، يستلزم منه وعيا خاصا وظروف ملائمة ، ربما يصنعها هو نفسه ، او ينتظرها حتى ، على ان تكون الانطلاقة من قاعدة ” أن واقعي سيء ولابد من تغييره نحو الأحسن ” وهنا يكمن مفهوم الإصرار , وهو مشروط بأن لا تأخذه المكابرة في ذلك اعتقادا منه بالكمال او عدم قدرته على التغيير ، عند ذاك فأنه لم يتغير ابدا .
اختاه …
هاتفي ربكِ ليس فقط في الصلاة ، فكم من صلاة ليس منها الا عناء القيام ، قولي له : ” سأتغير لله وكما يحب من عباده ولعباده ، سأجعل من نفسية راضية مرضية عنده ، فخلصني يا ربي من نفسي ، خذني مني اليك ، حيث نظرة رضا منك تجعل الكافر وليا ، وقطرة من فيض جودك تملا الارض ايمانا ، فانظر لي بعين الرضا حتى استيقظ من غفلتي واتغير نحوك خيرا .
اعلمي سيدتي ، ان تغيير الذات يحتاج الى دفعات وجرعات ، ولا يكون ذلك بلحظة ، البتة ، عدا ما يمكن ان يحدث من تغيير بعد صدمة نفسية مثلا او انفتاح القلب بنور من الله جل وعلا ، وبخلاف ذلك فأنكِ ملزمة بعدة مراحل وخطوات للوصول للتغيير المنشود ، وكما يلي :
- التغيير الداخلي … وهو اثر لما زرع في دواخلنا منذ الصغر ، فضلا عما يمكنه ان يثريه الأخرين فينا من همة وزخم معنوي ، مع برنامج مراقبة ذاتية ، بدء من الأفكار ، الأفعال ، العادات ، الطباع .
- تغيير الماضي … لأن ماضي المرء منا اكثر تاثيرا في تشكل وعيه وبناء شخصيته ، لذا فلزاما على من يريد ان يتغير ، ان يتحرر من اجترارات الماضي وعقده .
- تغيير الحاضر … ما نعيشه من واقع وحاضر له اسقاطاته وقيوده التي تحتاج منا تسمية السلبي منها كي نبدأ بالتثوير الذاتي ثم التغيير الذاتي ، وهو ما يسمى بالانقلاب الذاتي .
- الثبات على ما سيتغير والإصرار عليه … فبعد مرحلة التغير ، نحتاج الى مرحلة اصعب ، هي الثبات والاستقرار عليه ، فكما يقال ” من السهل الوصول الى النجاح ، لكن من الصعب الحفاظ عليه ” .
زينب الجيزاني