حكم تسمية الإمام المهدي (ع) باسمه

0
12







حكم تسمية الإمام المهدي (ع) باسمه

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

ما حكم تسمية صاحب الزمان (ع) في زمن الغيبة الكبرى؟، حيث وردت روايات في كتبنا تُفيد المنع من تسميته (ع):

منها: ما ورد في كتاب كمال الدين عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن الإمام محمد بن علي بن موسى (ع) قال: “.. ويغيب عنهم شخصه، ويحرم عليهم تسميته”(1).

وكذلك ما ورد في كتاب الإمامة والتبصرة عن أبي هاشم الجعفري، قال: سمعتُ أبا الحسن العسكري (ع)، يقول: “.. لأنكم لا ترون شخصه، ولا يحلُّ لكم ذكره باسمه ..” (2). وغيرها من الروايات التي تمنع من تسميته (ع)؟

الجواب:

الروايات المذكورة وإنْ كانت صريحة في المنع عن ذكر الإمام الحجَّة (ع) باسمه إلا أنَّه لا يمكن البناء على حرمة ذكر اسمه الشريف مطلقًا بقرينة الروايات الكثيرة المعبِّرة عن أنَّ منشأ النهي عن ذكر الاسم إنَّما هو المحاذرة على حياة الإمام (ع) حتى لا تناله يدُ السلطان الجائر، فالروايات المذكورة وإنْ لم تكن معلَّله إلا أنَّ ثمة روايات أخرى قد علَّلت النهي عن ذكر الاسم بذلك، ومقتضى الصناعة الأصولية هو حمل هذه الروايات المطلقة على ما ورد من الروايات المعلَّلة فتكون المطلقات مقيَّدة بالروايات المعلَّلة، والتي منها ما رواه الكليني بسنده عن علي بن محمد بن أبي عبد الله الصالحي قال: “سألني أصحابنا بعد مضي أبي محمد (ع) أنْ أسأل عن الاسم والمكان فخرج الجواب -أي من الناحية المقدسة- إنْ دللتم على الاسم أذاعوه وإن عرفوا المكان دلُّوا عليه”.

ومنها: ما أورده الكليني بسندٍ معتبر عن عبد الله بن جعفر الحميري أنَّه قال لمحمد بن عثمان العمرى -السفير الثاني -: ” أنتَ رأيتَ الخلَف”، قال: “أي والله” إلى أنْ قال: “الاسم، قال: محرَّم عليكم أنْ تسألوا عن ذلك، ولا أقول هذا من عندي، فليس لي أنْ أُحلِّل ولا أُحرِّم، ولكن عنه (ع)، فإنَّ الأمر عند السلطان، أنَّ أبا محمد مضى ولم يخلِّف ولدًا” إلى أنْ قال: “وإذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك”(3).

فإنَّ الرواية الأولى ظاهرة في أنَّ منشأ الحرمة لذكر الاسم هو المحاذرة عن ذيوع اسمه المنتج لوقوع الطلب من قبل السلطان الذي كان حريصًا على تصفية مَن يقوم مقام الإمام العسكري (ع) خصوصًا وأنَّه كان يعلم أنه الإمام الموعود.

وأما الرواية الثانية فهي أكثر ظهوراً في أنَّ ذلك هو منشأ الحرمة وأنَّ النهي عن ذكر الاسم ليس حكمًا تعبديَّاً محضاً بل هو حكم معلَّل بمنشأٍ عقلائي، وهذا يقتضي دوران ثبوته وانتفائه مدار وجود المنشأ للنهي وانتفائه، فمتى ما انتفى منشأ النهي يكون معه النهي منتفياً، على أنَّه يُمكن أن يُستدلَّ على أنَّ الحرمة لم تكن ذاتية ومطلقة بالروايات المتظافرة التي ورد فيه ذكر الإمام الحجَّة باسمه مضافًا إلى ذكر اسمه الشريف في الأدعية والزيارات.

كلُّ ذلك يُعبِّر عن أنَّ النهي عن ذكر إسمه الشريف الوارد في الروايات المذكورة إنَّما هو مغيَّى ومقيَّدٌ بظروف التقيَّة، فحينما ينتفي ما يقتضى التقيَّة من ذكر الاسم الشريف فلا يكون ثمة ما يمنع من التبرُّك بذكر إسمه الشريف (عليه السلام).

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور



المصدر


اكتشاف المزيد من مركز الكوثر الثقافي التعليمي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد