السورة
السورة هي مقدار معين من الآيات القرآنية التي تبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم ما عدى سورة التوبة، وتنتهي بما هو محدّد في الكتاب نفسه، وقد يختلف طول وحجم السورة من واحدة إلى أخرى، فسورة البقرة مثلا تُعدّ أطول السور القرآنية، والتي تتكون من 287 آية مع حساب البسملة أنّها الآية الأولى، بينما نجد أن أقصر سورة في القرآن الكريم من جهة عدد الآيات والكلمات سورة الكوثر والتي لم يتجاوز عدد آياتها الأربعة مع حساب أنّ البسملة هي الآية الأولى.
اختلف الباحثون في علوم القرآن على ترتيب السور داخل القرآن الكريم إلى ثلاث أقوال: فمنهم من يقول إنّ الترتيب اجتهادي فقط، ومنهم من يقول إنه بالتوقيف، والبعض الآخر يرى أن في القضية تفصيل، فبعضه اجتهادي والبعض الآخر توقيف.
معناها
السورة في اللغة: هي كلّ منزلة من البناء، فكما أن البناء يقوم سورة بعد سورة، كذلك القرآن الكريم، وكذلك تدل على علوّ وارتفاع، وفي الاصطلاح: هي جزء من القرآن يفتتح بالبسملة ما عدا سورة براءة، وقد جاءت بالمعنى الاصطلاحي في القرآن الكريم بلفظ المفرد تسع مرّات، وبلفظ الجمع مرّة واحدة، و إنّ أصغر سور القرآن الكوثر وأكبرها البقرة.
تقسيم السور
التقسيم حسب نزول السورة
تقسم السور القرآنية بحسب نزولها إلى سور مكية ومدنية، وقد طرح علماء التفسير في بحوث علوم القرآن ثلاث معايير في تعيينهما، وهي:
المعيار الزماني: اعتبار ذلك بهجرة النبي صلي الله عليه وآله وسلم ووصوله إلى المدينة المنورة، فما نزل قبل الهجرة أو في أثناء الطريق قبل وصوله صلي الله عليه وآله وسلم إلى المدينة، فهو مكي، وما نزل بعد الهجرة ولو في غير المدينة حتى ولو نزل في مكة عام الفتح أو في حجة الوداع فهو مدني.
المعيار المكاني: ما نزل بمكة وحواليها ــ ولو بعد الهجرة ــ فهو مكي، ما نزل بالمدينة وحواليها فهو مدني.
المعيار الخطابي: ما كان خطاباً لأهل مكة فهو مكي، وما كان خطاباً لأهل المدينة فهو مدني.
التقسيم حسب الآيات
اشتهر بين المسلمين منذ عهد النبي (ص) تبويب السور القرآنية ضمن مجموعات، بحيث تضمّ كلّ منها مجموعة من السور، حيث روي عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «أُعطيت مكان التوراة، السبع الطول، وأعطيت مكان الزبور، المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصَّل»، ومن هذه المجموعات من السور المبوّبة حسب طول آياتها:
السبع الطول: أطول سبع سور في القرآن، وهي: «البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس».
المئون: أقصر من السبع الطوال، وتزيد سورها على مائة آية، وهي: «التوبة، والنحل، وهود، ويوسف، والكهف، والإسراء، والأنبياء، وطه، والمؤمنون، والشعراء، والصافات».
المثاني: السور التي يقلّ عدد آيات كلّ منها عن المائة، وهي عشرون سورة تقريباً، وسميت بهذا الاسم لأنها ثنّت المئون، أي كانت بعدها، ومنها: «القصص، والنمل، والعنكبوت، ويس، وص».
المفصّل: قصار السور، وسمّيت بذلك لكثرة الفصول التي بين السور بالبسملة، وهي السور الأخيرة في القرآن الكريم وآخر سورة منها سورة الناس.
العزائم
هي السُور التي تشتمل على آيات السجدة الواجبة، وهي أربع: السجدة، وفصلت، والنجم، والعلق. ومعنى ذلك أنه يجب على من يتلوها أو يسمعها أو يستمع إلى تلاوتها أن يسجد لله عز وجل فوراً.
الحواميم
وهي سور سبع تبتدئ بـ «حم»، ولاشتمال بدايات هذه السور على كلمة «حم» ــ الحروف المقطعة ــ تُسمىَّ بالحواميم أو ذوات حم، وهي عبارة عن: «غافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف»، وفي جميع هذه السور يأتي بعد الحروف المقطعة ذكر الكتاب وتنزيله.
عدد السور القرآنية
يبلغ عدد السور القرآنية وباتفاق علماء المسلمين 114 سورة قرآنية، ولكن توجد روايات وردت عن أهل البيت عليهم السلام على أن سورة الضحى والانشراح سورة واحدة وكذلك سورة الفيل وقريش، فعلى هذا الأساس يكون مجموع السور القرآنية 112 سورة. وفي مصحف بعض الصحابة والذي كان قبل مصحف عثمان، فيه تفاوت في عدد السور القرآنية، مثل مصحف عبد الله بن مسعود حيث ذكر فيه 111 سورة قرآنية، ومصحف أُبي بن كعب فيه 115 سورة قرآنية. أما النسخة الموجودة اليوم من القرآن الكريم هي النسخة التي كُتبت بأمر عثمان بن عفان، وتشتمل على 114 سورة، وقد حظيت هذه النسخة بتأييد أمير المؤمنين وسائر الأئمة عليهم السلام من بعده.
أسماء السور
يوجد أسباب عدّة كانت بمثابة الداعي لتسمية سور القرآن، ومنها:
تسمية السورة بحسب الموضوع الغالب أو البارز الذي تتعرّض له، مثل: سورة النساء، والحج، والتوحيد، والأنبياء.
تسمية السورة باسم النبي أو الشخص الوارد اسمه فيها، مثل: نوح، وهود، وإبراهيم، ويونس.
تسمية السورة بحسب الحروف المقطعة الواردة في مطلعها، مثل: ق، وص.
تسمية السورة بأسماء بعض الحيوانات الوارد ذكرها فيها، مثل: البقرة، والنحل، والنمل.
تسمية السورة بحسب أبرز أقسامها، مثل: سورة الجمعة، والفتح، والواقعة.
تسمية السورة بما ورد القسم به فيها، مثل: الفجر، والشمس، والضحى.
وتجدر الإشارة إلى أنّ المعيار الأساس في تسمية السور يدور مدار أهمّيّة الموضوع الذي تطرحه على الأعمّ الأغلب.
نماذج من أسماء السور:
السور التي لها اسم واحد فقط، وهي أغلب سور القرآن.
بعض السور التي لها اسمان: البقرة ــ فسطاط القرآن، والنحل ــ النعم، وحم عسق ــ الشورى، والجاثية ــ الشريعة، والقتال ــ محمد»، والرحمن ــ عروس القرآن.
بعض السور التي لها ثلاث أسماء: المائدة ــ العقود ــ المنقذة، غافر ــ الطول ــ المؤمن.
بعض السور التي لها أربعة أسماء: براءة ــ التوبة ــ الفاضحة ــ الحافرة.
بعض السور التي يزيد عدد أسمائها على عشرين اسماً: الفاتحة ــ الحمد ــ أم الكتاب ــ أم القرآن السبع المثاني ــ الوافية ــ الكنز ــ الكافية ــ الأساس الشفاء ــ الشافية ــ الصلاة.
ترتيب نزول السور
المشهور أن القرآن الكريم كان نزوله تدريجياً على رسول الله (ص) في مجموع مدة الدعوة وهي ثلاث وعشرون سنة، وجاء في الروايات أن الإمام علي (ع) أول من تصدى لجمع القرآن بعد شهادة رسول الله (ص) بوصية منه، على أساس ترتيب النزول، وجاء به إلى المسجد وعرضه على الصحابة، فلم يقبلوه وقالوا لا حاجة لنا فيه، فحمل (ع) الكتاب وعاد به. قال الشيخ المفيد في كتابه المسائل السروية: وقد جمع أمير المؤمنين (ع) القرآن المنزل من أوله إلى آخره، فقدم المكي على المدني والمنسوخ على الناسخ.
ترتيب السور داخل المصحف
اختلف الباحثون في علوم القرآن على ترتيب السور داخل القرآن الكريم إلى ثلاث أقوال، فمنهم من يقول إنّ الترتيب اجتهادي فقط، ومنهم من يقول إنه بالتوقيف، والبعض الآخر يرى أن في القضية تفصيل، فبعضه اجتهادي والبعض الآخر توقيف.
الترتيب التوقيفي: الذي يشير أصحابه أن ترتيب السور ثابت وقائم على الوحي من الله عز وجل، وبأمر من رسول الله (ص)، ثمّ انتقل إلى الصحابة والتابعين عن طريق النبي الكريم (ص).
الترتيب الاجتهادي: وهو الترتيب الذي قام على اجتهاد من الصحابة والتابعين، ولا يوجد أي دليل على قيام النبي (ص) بتحديده، أو أن ترتيب السور تم بناءً على أوامر الله، حيث رتبت السور في مصحف علي حسب تاريخ النزول، والبعض الآخر رتبها حسب السور المكية والمدنية.
الترتيب بالتفصيل: وهم العلماء الذين وقفوا موقفاً وسطاً فيما يتعلق بترتيب السور، فأشاروا إلى أن بعض السور تم ترتيبها توقيفيّاً، أما البعض الآخر فكان اجتهاديّاً.
أول سورة
يوجد اختلاف بين المختصين في علوم القرآن، في أن أي سوره نزلت قبل، والأقوال في ذلك ثلاثة:
البعض قال أول سورة نزلت على رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم سورة العلق وذلك في بداية البعثة النبوية.
والبعض قال أول سورة نزلت هي سورة المدثر، لما روي عن ابن سلمة، قال: سألت جابر بن عبد الله الأنصاري: أي القرآن أُتزل قبل؟ قال: «يا أيها المدثر».
البعض الآخر قال أول سورة نزلت على رسول الله (ص) سورة الفاتحة.
قال الشيخ محمد هادي معرفة في كتابه التمهيد في علوم القرآن: لا نرى تنافياً بين هذه الأقوال الثلاثة، وذلك؛ لأن الآيات الثلاثة أو الخمس من أول سورة العلق إنما نزلت تبشر بنبوته (ص)، ثم بعد فترة جاءته آيات من أول سورة المدثر، وأما سورة الفاتحة فهي أول سورة نزلت على رسول الله (ص) بصورة كاملة.
آخر سورة
يوجد اختلاف بين المفسرين في آخر سورة نزلت على رسول الله (ص) من القرآن الكريم، البعض ذهب إلى أن آخر سورة هي براءة، والبعض قال سورة النصر والبعض قال آخر سورة نزلت سورة المائدة. وطبق روايات أهل البيت عليهم السلام إن آخر ما نزل على رسول الله (ص) من القرآن الكريم كسورة كاملة فهي سورة النصر، ولما نزلت هذه السورة قرأها رسول الله (ص) على أصحابه ففرحوا واستبشروا، وسمعها العباس فبكى، فقال (ص): ما يبكيك يا عم؟ فقال: أظن أنه قد نعيت إليك نفسك يا رسول الله! فقال: إنه لكما تقول، فعاش بعدها سنتين.
قال الشيخ محمد هادي معرفة في كتابه التمهيد في علوم القرآن: لا شك أن سورة النصر نزلت قبل براءة؛ لأنها كانت بشارة بفتح مكة، وبراءة نزلت بعد الفتح بسنة، فطريق الجمع يُبين أن آخر سورة نزلت كاملة هي سورة النصر، وآخر سورة نزلت باعتبار أول آياتها سورة براءة.
اكتشاف المزيد من مركز الكوثر الثقافي التعليمي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.