قضية القبطي الذي قتله موسى (ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
ما هي قصة قتل نبي الله موسى (ع) لشخص كما ورد في القرآن الكريم؟ وما هو السبب في ذلك؟
الجواب:
هذه القضية وقعت لموسى (ع) قبل أن يُبعث رسولاً إلى فرعون وقومه، وقد كانت بلاد مصر التي هي مسقط رأس موسى (ع) يقطنُها بنو إسرائيل والأقباط، فموسى (ع) ينحدرُ من بني إسرائيل، فهو وسائر بني إسرائيل من سلالة نبيِّ الله يعقوب (ع) وفرعون وقومه من الأقباط.
وكان الأقباط ونظراً لانتسابهم إلى فرعون يستضعفون بني إسرائيل وكانوا يكلِّفونهم -سخرةً- بالشاقِّ من الأعمال ويبخسونهم حقوقَهم وكان ذلك بمباركةٍ من فرعون وجنوده كما أفاد القرآن الكريم: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ﴾(1) فسياسة فرعون هي التمييز الطائفي بين الاقباط والإسرائيليين، وذلك هو ما نشأ عنه العداوة بين الطائفتين كما أشار القرآن الكريم في قوله: ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾(2)، فالآية المباركة تُشير إلى أنَّ شعب مصر في عهد فرعون كان منقسماً على نفسه إلى طائفتين وكانت طبيعة العلاقة التي تحكم هاتين الطائفتين هي العداوة.
فمنشأ الخصومة ثم القتال بين الرجلين الذين مرَّ عليهما موسى (ع) هي العداوة التي كانت بين الأقباط والإسرائليين نتيجة استضعاف فرعون وقومه من الأقباط للإسرائليين، وقد ذُكر أنَّ السبب المباشر للخصومة التي وقعت بين الرجلين الذَين ينتسب أحدُهما إلى الأقباط والآخر لبني إسرائيل هي أنَّ الأول كان مريداً لتسخير الإسرائيلي على حمل الحطب وهو يأبى عليه فمرَّ عليهما موسى (ع) وهما يقتتلان فاستغاث الإسرائيلي موسى (ع) فدفع موسى (ع) القبطي بقبضة يده في صدره -كما قيل- بُغيةَ منعه من قتل الإسرئيلي أو إيذائه فسقط القبطي من دفعه ميِّتاً.
فبلغ الخبر فرعون وكان كبيراً عند فرعون والأقباط من قومه أنْ يَقتل رجلٌ من بني إسرئيل رجلاً من الأقباط -وإنْ كان القبطي هو البادئ بالظلم وكان القتل دفعاً لعدوانه- لذلك فقد استنفروا من أجل الاقتصاص من موسى (ع) كما يُشير إليه قوله تعالى: ﴿وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ﴾(3)، فخرج موسى (ع) من أرض مصر على غير قصدٍ إلى مدين حيثُ كان يقطنُ بها العبد الصالح نبيُّ الله شعيب (ع).
قال تعالى: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ / وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ﴾(4).
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور
اكتشاف المزيد من مركز الكوثر الثقافي التعليمي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.