تحسَّسَ/ تحسَّسَ لـ/ تحسَّسَ من يتحسَّس، تحسُّسًا، فهو مُتحسِّس، والمفعول مُتحسَّس ومن معانيه: تحسَّس الخبرَ: تتبَّعه، تطلَّب معرفتَه وسعى في إدراكه.
تحسَّس الشَّيءَ: تفحَّصَه أو لمسه للتعرُّف عليه، “تحسَّس القماشَ ليعرف نوعَه ودرجةَ جودته- تحسَّس جيَبه بحثًا عن المفتاح- تحسَّس قوَّةَ فلان”. تحسَّس من فلان: تعرف منه وتتبَّع أخبارَه “تحسَّس من القوم- {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ}”.
وقد تأتي الحَسُّ بمعنى القَتلُ الذَّريعُ والاسْتِئصالُ؛ حَسَّهُم يَحُسُّهم حَسَّاً: قَتَلَهم قَتْلاً ذَريعاً مُستَأْصِلاً، وقولُه تعالى: {إذْ تَحُسُّونَهم بإذْنِه}، أي تَقْتُلونَهم قَتلاً شديداً. والاسمُ الحُسَاس عن ابْن الأَعْرابِيّ، وقال أبو إسحاق: معناه: تَسْتَأصِلونَهم قَتلاً. وقال الفَرّاء: الحَسُّ: القتلُ.
وتأتي بمعنى العلم، يقول تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ}، أي لما علم وشعر بكفرهم.
ويقول تعالى: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْز}. أي هل تعلم لأحد منهم خبراً أو تسمع له صوتاً وصيتاً؟!
وفي المعاجم مثل لسان العرب والقاموس المحيط والصّحاح والجمهرة وغيرها، تأتي لفظة الحسّ بمعنى الصّوت. وقد وردت الإشارة إليها في قوله تعالى في وصف النّار: {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَ}. يقول الطبري في تفسيره: “لا يسمعون حسيسها، صوتها.. ويعني بالحسيس: الصوت والحسّ، أي حسّ النّار ولهبها. والحسيس والحس الحركة”.
لا يخفى أن استعمال الحس بمعنى الصوت في اللغة واللهجات، جاء على سبيل المجاز المرسل، وذلك بإطلاق الكلّ (الحسّ) وإرادة الجزء (الصوت).
وفي أجواء تفسيرها، يقول العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله (رض): “{لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَ}، في ما يمثّله صوتها الذي يثير الإحساس ويخيفه ويهزّه ويرعبه، لأنّ الله أراد أن يبعدهم عن كلّ شيء يذكّرهم بها أو يربطهم بأهوالها، ليعيشوا الهدوء النفسي الذي لا يعكّر صفوه شيء مما يرى أو مما يسمع، {وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ}، حيث يعيشون في نعيم الجنّة ورضوان الله، في هذا الجوّ الخالد من السعادة واللّطف واللذّة والنعيم، الذي يوحي لهم بالاكتفاء الذاتي في كلّ ما يشتهون، حتى لا يبقى هناك شيء آخر يفكّرون به في أية حاجة”. [تفسير من وحي القرآن، ج 15].
يقول العلامة الشّيخ محمد جواد مغنية: “{إِنَّ اَلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا اَلْحُسْنىَ}، لما ذكر سبحانه أهل النّار عطف عليهم أهل الجنّة، وأنهم عن النار مُبْعَدُونَ .{لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَ} مجرّد توكيد لبعدهم عنها ونجاتهم منها، وَهُمْ فِي مَا اِشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ حياة دائمة وسعادة قائمة”. [التفسير المبين].
بعد شرح معنى كلمة الحسيس والسّياق الّذي وردت فيه، ندعو الله تعالى التّوفيق والتّسديد في الحياة الدّنيا، حتى نكون من عباده الصالحين الّذين هم في مأمن من النّار وسخط الجبار.
محمد عبدالله فضل الله
اكتشاف المزيد من مركز الكوثر الثقافي التعليمي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.