من هو قُنفذ التَيْمي؟
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
مَن هو قنفذ الذي يردُ اسمُه كثيراً عند تناول أحداث الاقتحام لبيت السيدة فاطمة (ع) بعد وفاة الرسول الكريم (ص) وهل كان كما قيل عبداً؟.
الجواب:
قُنفذ الذي ورد في العديد من الروايات والأخبار أنَّه السبب المباشر لمقتل السيدة فاطمة بنت الرسول (ص) فهو الذي -كما في الاحتجاج- ألجأها إلى عضادة باب بيتها، فدفعها فكسر ضلعاً من جنبها وألقتْ -بعد ذاك- جنيناً مِن بطنِها فلم تزلْ صاحبةَ فراش حتى ماتت مِن ذلك شهيدةً صلوات الله عليها(1).
قنفذٌ هذا لم يكن عبداً بل كان رجلاً من قريش من الطلقاء الذين أسلموا بعد الفتح، وكان من “تيم” أحد بطون قريش اسمه قنفذ بن عمير بن جدعان القرشي التيمي(2) ولَّاه الرجل على مكة(3).
وصفه الطبرسي في الاحتجاج بقوله: “وكان رجلاً فظَّاً غليظاً جافياً من الطلقاء أحد بني تيم”(4).
وكان ممَّن يُؤذي رسولَ الله (ص) في مكة الشريفة قبل الهجرة، وقد أشار إلى ذلك أبو طالب (ع) في إحدى قصائده كما أفاد البلاذري في أنساب الأشراف قال: “قنفذ بن عمير، أدرك النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، فكان مؤذياً له فقال أبو طالب فيه وفي عثمان بن عبيد الله:
وإنِّي أرى عثمان أمسى وقنفذاً ** ومَن جمعا من شرِّ تلك القبائل
وكان المهاجر بن قنفذ بن عمير بن جدعان على شُرَط عثمان بن عفان، وكان عمر جلده وامرأته ثمانين ثمانين في شراب”(5).
وقد ورد في الأخبار أنَّه لحق صهيب الرومي حين كان في طريقه للهجرة، فأدركه في الطريق إلى المدينة فلم يتركه حتى سلبه ما كان بيده من أموال، فممَّن ذكر ذلك ابن حجر في كتاب العجاب في بيان الأسباب وكذلك ذكره جلال الدين السيوطي في الدر المنثور قال: “وأمَّا صهيب فأخذه أهلُه فافتدى منهم بماله ثم خرج مهاجراً فأدركه قنفذ بن عمير بن جدعان فخرج ممَّا بقيَ من ماله وخلَّى سبيله”(6).
هذا وقد روى الطبري الإمامي بسندٍ معتبر في دلائل الإمامة عن الإمام الصادق(ع) قال: “وكان سببُ وفاتها أنَّ قنفذاً مولى الرجل لكزها بنعل السيف بأمره، فأسقطت مُحسناً ومرضتْ من ذلك مرضاً شديداً”(7).
أقول: وصفُه (ع) بالمولى لا يعني أنَّه كان عبداً، فلم يكن قنفذٌ عبداً فلعلَّه أراد أنَّه كان حليفاً للرجل.
ونقل ابن شهراشوب في المناقب قال: وفي معارف القتيبي: إنَّ محسناً فسد من زخم قنفذ العدَوي”(8).
أقول: وصفُ قنفذ بالعدَوي لعلَّه من سهو القلم فهو تيمي كما نصَّ على ذلك المؤرِّخون وعلماء الرجال(9).
والحمد لله ربِّ العالمين
الشيخ محمد صنقور
8 / رجب المرجب / 1443ه
10 / فبراير / 2022م
اكتشاف المزيد من مركز الكوثر الثقافي التعليمي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.