نعشُ عليٍّ (ع) كانت تحملُ الملائكةُ مقدَّمه

0
9







نعشُ عليٍّ (ع) كانت تحملُ الملائكةُ مقدَّمه

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

مما يتمُّ تناقلُه أنَّ النعش الذي حُمل عليه أمير المؤمنين (ع) بعد استشهاده كانت الملائكة تحملُ مقدَّمه وكان الإمامان الحسن والحسين (ع) وسائر من كان معهما يحملون المؤخَّر فهل صحَّ ذلك؟

الجواب:

نعم نصَّت على ذلك العديدُ من الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) وكذلك العديد من النصوص التأريخيَّة:

منها: ما أورده الشيخ الطوسي في كتابه تهذيب الأحكام بسنده عن سعد الإسكاف عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: إنَّه لمَّا أُصيب أميرُ المؤمنين (عليه السلام) قال للحسن والحسين صلوات الله عليهما: غسِّلاني وكفِّناني وحنِّطاني واحملاني على سريري واحملا مؤخَّره تُكفيان مقدَّمه، فإنَّكما تنتهيان إلى قبرٍ محفور ولحْدٍ ملحود، ولبنٍ موضوع فألحداني وأشرجا اللِّبن عليَّ وارفعا لبنةً مما يلي رأسي فانظرا ما تسمعان، فأخذا اللبنة من عند الرأس بعد ما أشرجا عليه اللبن فإذا ليس في القبر شيء وإذا هاتف يهتف: أمير المؤمنين (عليه السلام) كان عبدا صالحا فالحقه الله بنبيِّه وكذلك يُفعل بالأوصياء بعد الأنبياء، حتى لو أنَّ نبيَّاً مات في المشرق ومات وصيُّه في المغرب لألحقَ اللهُ الوصيَّ بالنبيِّ”(1).

وأورد هذا الخبر الشيخ المفيد في المزار بسنده عن سعد الإسكاف عن أبي عبد الله (ع)(2)، وكذلك أورده إبراهيم بن محمد الثقفي الكوفي (282ت:) في كتاب الغارات عن أبي عبد الله (ع)(3).

أقول: هذه الرواية صريحة في أنَّ الحسن والحسين (ع) ومن معهم مكلَّفون بحمل مؤخَّر السرير وأنَّ مقدَّمه لا يحمله أحد من البشر من هذا العالم، لأنَّه لو كان أحد من البشر يحمل مقدَّم السرير لكان الأولى بذلك هما الإمام الحسن والإمام الحسين (عليهما السلام) فقوله: تُكفيان مقدَّمه ظاهر في أنَّ المكلَّف بحمل مقدَّم السرير هم ملائكة الله تعالى، وأنَّهم مأمورون بالسير به إلى موضعٍ قد تمَّ تحديده لهم من قِبل الله جلَّ وعلا وأنَّ على مَن هم عند مؤخر السرير أنْ يسيروا حيث سار بهم حملَة المقدَّم كما هو ظاهر قوله (ع): “فإنَّكما تنتهيان إلى قبرٍ محفور ولحْدٍ ملحود” فثمة قبر محفور ولحدٌ ملحود قد اذخره الله تعالى لعليٍّ (ع) منذُ عهد نوح (ع) كما نصَّت على ذلك الروايات الأخرى.

ومنها: ما أورده الشيخ الكليني في الكافي عن عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ رَفَعَه قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه (ع): “لَمَّا غُسِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) نُودُوا مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ إِنْ أَخَذْتُمْ مُقَدَّمَ السَّرِيرِ كُفِيتُمْ مُؤَخَّرَه وإِنْ أَخَذْتُمْ مُؤَخَّرَه كُفِيتُمْ مُقَدَّمَه”(4).

ومنها: ما أورده الشريف المرتضى في خصائص الأئمة (ع) -وهو ظاهرا ذات الخبر الذي أورده الكليني- قال:ورُوي عن الإمام جعفر بن محمد (عليه السلام): أنَّه لمَّا غُسِّل أميرُ المؤمنين (عليه السلام) نودوا من جانب البيت إنْ أخذتم مقدَّم السرير كفيتم مؤخره، وإن أخذتم مؤخره كُفيتم مقدَّمه. وأشار (عليه السلام) إلى أن الملائكة قالت ذلك”(5).

أقول: معنى ذلك أنَّ الملائكة نادتهم بعد الفراغ من تجهيز أمير المؤمنين (ع) بأنْ يختاروا إمَّا حمل مقدَّم السرير أو حمل مؤخّره، وقد نصَّت العديد من الأخبار أنَّهم اختاروا حمل المؤخَّر، وتولَّت الملائكة حمل المقدَّم دون أنْ يشاركهم أحدٌ من البشر.

ومنها: ما أورده الشيخ المفيد في الإرشاد عن عبَّاد بن يعقوب الرواجني قال: حدثنا حبَّان [حيَّان] بن علي العنزي قال: حدَّثني مولى لعليِّ بن أبي طالب عليه السلام قال: لمَّا حضرتْ أميرَ المؤمنين عليه السلام الوفاة قال للحسن والحسين (عليهما السلام): “إذا أنا متُّ فاحملاني على سريري، ثم أخرجاني واحملا مؤخَّر السرير فإنَّكما تُكفيان مقدَّمه، ثم ائتيا بي الغريين، فإنَّكما ستريان صخرةً بيضاء تلمعُ نوراً، فاحتفرا فيها فإنَّكما تجدان فيها ساجةً، فادفناني فيها”.

قال: فلمَّا مات أخرجناهُ وجعلنا نحمل مؤخَّر السرير ونُكفى مقدَّمه، وجعلنا نسمعُ دويَّاً وحفيفاً حتى أتينا الغريين، فإذا صخرةٌ بيضاء (تلمعُ نورا) فاحتفرنا فإذا ساجةً مكتوب عليها: “ممَّا أدَّخر نوحٌ لعليِّ بن أبي طالب “.

فدفناه فيها، وانصرفنا ونحن مسرورون بإكرام الله لأمير المؤمنين (عليه السلام) ..”(6).

أقول: هذه الرواية تنصُّ على أنَّهم حملوا مؤخَّر السرير لأنَّ أمير المؤمنين (ع) أوصاهم بذلك وحملتِ الملائكةُ مقدَّم السرير، وكان يُسمع لهم دويَّاً وحفيفاً، وظلَّوا كذلك إلى أنْ بلغوا به موضع قبره الشريف في الغريين حيث العلامة التي أنبأهم عنها أمير المؤمنين (ع) وهي صخرةً بيضاء تلمعُ نوراً احتفروا تحتها فوجدوا ساجة مكتوب عليها: “مما أدخر نوحٌ لعليِّ بن أبي طالب”، فكان قبرُ عليٍّ (ع) معدَّاً لمثواه -بحسب الرواية- منذُ عهدِ نبيِّ الله نوح (ع).

ومنها: ما أورده إبراهيم بن محمد الثقفي في كتاب الغارات، قال: عن أبي عبد الله الجدلي قال: استنفر (عليٌّ عليه السلام) .. وقال: يا بني إنِّي ميِّتٌ من ليلتي هذه، فإذا متُّ فغسِّلني وكفِّني وحنِّطني بحنوط جدِّك صلَّى الله عليه وآله وسلم، وضعْني على سريري، ولا يقربنَّ أحدٌ مقدَّم السرير فإنَّكم تُكفونه، فإذا حُمل المُقدَّم فاحملوا المؤخَّر، فإذا وُضع المقدَّم فضعوا المؤخَّر، ثم صلِّ عليَّ فكبر سبعا فإنَّها لا تحلُّ لأحدٍ من بعدي إلا لرجلٍ من ولدي يخرجُ في آخر الزمان يُقيم اعوجاج الحق، فإذا صلَّيت فخطَّ حول سريري ثم احفر لي قبراً في موضعِه إلى منتهى كذا وكذا، ثم شقَّ لحدا فإنَّك تقع على ساجةٍ منقورة ادَّخرها لي أبي نوحٌ (عليه السلام)، فضعني في الساجة ثم ضع علي سبع لبنات ..”(7).

أقول: هذه الرواية اشتملت أيضاً على الوصية بأنْ يحملوا مؤخَّر السرير بعد أن تحمل الملائكة مقدَّم السرير واشتملت على أنَّ علامة موضع قبره الشريف هو حينما تضعُ الملائكة مقدَّم السرير، فثمة موضع القبر الذي أمر الله ملائكته أن يدلُّوا عليه، وهذا لا ينافي ما ورد في خبر الشيخ المفيد في الإرشاد من أنَّ العلامة ستكون صخرة تلمع نوراً، فإنَّه لا محذور في تكون هذه علامة أخرى على موضع القبر المدَّخر لأمير المؤمنين (ع) منذ عهد نبيِّ الله نوح (ع) الذي أمره ربُّه جلَّ وعلا أنَّ يحتفر لأمير المؤمنين (ع) في ذلك الموضع ويضع له ساجة لتكون ظرفاً لجثمانه الشريف.

ومنها: ما أورده ابنُ شهراشوب في المناقب: قال: وعن منصور بن محمد بن عيسى عن أبيه عن جدِّه زيد بن عليٍّ الشهيد عن أبيه زين العابدين عن جده الحسين بن علي (ع) في خبرٍ طويل يذكر فيه: أوصيكما وصية، فلا تُظهرا على أمري أحدا فأمرهما أن يستخرجا من الزاوية اليمنى لوحاً وأن يكفِّناه فيما يجدان، فإذا غسلاه وضعاه على ذلك اللوح وإذا وجدا السرير يُشال مقدَّمُه يشيلان مؤخَّره وأنْ يصلي الحسن مرَّة والحسين مرَّة صلاة إمام، ففعلا كما رسمَ فوجدا اللوحَ وعليه مكتوب (بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما ذخره نوحٌ النبيُّ صلى الله عليه لعليِّ بن أبي طالب) وأصابا الكفن في دهليز الدار موضوعا فيه حنوط قد أضاء نورُه على نور النهار .. فلما قضيا صلاة العشاء الآخرة إذا قد شِيل مقدَّم السرير ولم نزل نتبعه إلى أن وردنا إلى الغري فأتينا إلى قبرٍ على ما وصف أميرُ المؤمنين ونحن نسمع خفقَ أجنحةٍ كثيرة وضجَّة وجلبة فوضعنا السرير وصلَّينا على أمير المؤمنين كما وصف لنا ونزَّلنا قبره فاضجعناه في لحده ونضدنا عليه اللبن.

وفي الخبر عن الصادق (عليه السلام) وإذا هاتف يهتف: أمير المؤمنين كان عبدا صالحا فالحقه الله بنبيه وكذلك يفعل الأوصياء بعد الأنبياء حتى لو أن نبيا مات بالمشرق ومات وصيه بالمغرب لألحق الوصي بالنبي”(8).

أقول: وهذا الخبر المروي عن الإمام الحسين (ع) اشتمل أيضاً على ما أفادته الأخبار السابقة من وصية أمير المؤمنين (ع) بأنْ ينتظروا حمل الملائكة لمقدَّم السرير، فإذا حُمل المقدَّم صار عليهم حمل مؤخَّر السرير ويسيروا حيث تسير الملائكة بالنعش الشريف فيكون موضعُ القبرِ حيثُ تضعُ الملائكةُ مقدَّمَ السرير، وأفاد سيدُ الشهداء (ع) -بحسب الرواية- أنَّهم كانوا يسمعون خَفقَ أجنحة الملائكة وضجيجاً وجلَبة وأفاد بأنَّهم وجدوا اللَّوح الذي اذخره نوح النبيٍّ (ع) لمثوى أمير المؤمنين (ع) وأفاد بأنَّهم سمعوا بعد دفنه هاتفاً يقول: “أمير المؤمنين كان عبدا صالحا فالحقه الله بنبيِّه وكذلك يفعل الأوصياء بعد الأنبياء حتى لو أن نبيَّا مات بالمشرق ومات وصيه بالمغرب لألحق الوصي بالنبي”

ومنها: ما أورده السيد عبد الكريم بن طاووس قال: ووجدتُ مرويَّا عن ابن بابويه علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي والد الشيخ الصدوق قال: حدَّثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي بالكوفة، قال: حدَّثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، قال: حدَّثني علي بن حامد الوراق، قال: حدثنا أبو السري إسماعيل بن علي بن قدامة المروزي، قال: حدَّثنا أحمد بن علي بن ناصح، قال: حدَّثني جعفر بن محمد الأرمني، عن موسى بن سنان الجرجاني، عن أحمد بن علي المقري، عن أمِّ كلثوم بنت علي قالت: آخر عهد أبي إلى أخوي (عليهما السلام) أنْ يا بني إذا انا متُّ فغسِّلاني ثم نشِّفاني بالبردة التي نشَّفتم بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفاطمة، ثم حنِّطاني وسجِّياني على سريري، ثم انظرا حتى إذا ارتفع لكما مقدَّم السرير فاحملا مؤخَّره، قالت: فخرجت أشيع جنازة أبي حتى إذا كنَّا بظهر الغري، ركن المقدَّم فوضعنا المؤخر، ثم برز الحسن بالبردة التي نشف بها رسول الله وفاطمة، فنشف بها أمير المؤمنين، ثم أخذ المعول فضرب ضربة فانشق القبر عن ضريح فإذا هو بساجة مكتوب عليها .. بسم الله الرحمن الرحيم -هذا قبر اذَّخره نوحٌ النبيُّ (صلى الله عليه) لعليٍّ وصيِّ محمد قبل الطوفان بسبعمائة عام.

قالت أم كلثوم: فانشقَّ القبر فلا أدري أغار سيدي في الأرض، أم أسري به إلى السماء، إذ سمعت ناطقا لنا بالتعزية يقول: أحسن الله لكم العزاء في سيدكم وحجة الله على خلقه”(9).

أقول: هذه الرواية اشتملت كذلك على أنَّ الملائكة حملت مقدَّم السرير وأنَّ موضع القبر الشريف كان بدلالة الملائكة حين ركنوا مقدَّم السرير وأفادت الرواية أنَّهم وجدوا اللوح الذي اذخره نوح النبيِّ (ع) وكتب عليه “بسم الله الرحمن الرحيم -هذا قبر اذَّخره نوحٌ النبيُّ (صلى الله عليه) لعليٍّ وصيِّ محمد قبل الطوفان بسبعمائة عام” وأفادت أنهم سمعوا ناطقاً يعزيهم يقول: أحسن الله لكم العزاء في سيدكم وحجَّة الله على خلقه”.

ومنها: ما أورده ابن حاتم الشامي المشغري العاملي في (ت: 664) في الدر النظيم قال: حدَّث الحسن بن علي بن محمد الخزاز، عن المفضَّل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنَّه لما كانت الليلة التي قُبض فيها أميرُ المؤمنين (عليه السلام) قال لابنيه الحسن والحسين (عليهما السلام): إني مفارقكم في ليلتي هذه، فإذا أنا متُّ فحطا موضع فراشي من الأرض ثم احملاني وغسِّلاني مع مَن يعينكما على غسلي، وكفِّناني وحنِّطاني وضعاني على السرير وخذا المؤخَّر واتبعا مقدَّمه حتى يأتيا به موضع الخطة، فاحفرا لي قعر الأرض فإنه ستبدو لكما خشبة من ساج محفورة، حفرها لي أبي نوح (عليه السلام)، فضعاني فيها وأطبقا علي اللبن، وتمهلا علي قليلا، ثم خذا اللبن فإنه سيبين لكما أمري. قال أبو عبد الله (عليه السلام): ففعلا ذلك، فلما حفرا موضع الخطة بدت لهما خشبة من ساج محفورة فوضعاه فيها ثم أطبقا عليه اللبن ..”(10).

ومنها: ما أورده كذلك في الدر النظيم قال: حدَّث عبد الله بن محمد بن نهيك، عن زياد بن مروان، عن عبد الله بن سنان ومفضَّل بن عمر، جميعاً عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: قال علي بن الحسين (عليهما السلام) إنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال للحسن والحسين (عليهما السلام): إذا أنا متُّ فكفِّنوني في أثوابي التي أدميت فيها، ثم ضعوني على سريري، وخذوا بمؤخَّر السرير تُكفوا مقدَّمه، فامضوا ما مضى السرير، فإذا وضع مقدم السرير فضعوا مؤخَّره، ثم علموا موضع قوائمه ثم نحوه واحتفروا تجدوا ساجة أو خشبة وضعها نوح (عليه السلام) علامة لقبري، فكان الذين قدام السرير يقولون: سبحانك اللهم أنت عزيز في سلطانك وأنت لا إله إلا الله، فصلى عليه الحسن (عليه السلام)”(11).

أقول: هذه الرواية والتي قبلها متقاربتان في المضمون مع الروايات السابقة، فهما قد اشتملتا على أنَّ الملائكة هي مَن تصدَّت لحمل المقدَّم لا يُشاركهم في ذلك أحد من البشر، وأنَّ موضعَ القبر يتحدَّد بوضع الملائكة لمقدَّم السرير، وكذلك اشتملت كلٌّ من الروايتين على أنَّ قبره الشريف كان مُعيَّناً منذُ عهد نوح النبيِّ (ع) وأنَّ ساجةً كان قد وضعها نبيُّ الله نوح لتكون موضعاً لجثمانه الطاهر، واشتملت الرواية الثانية على الإشارة إلى ما كانت تُسبِّح به الملائكةُ حين تشييع جثمان أمير المؤمنين (ع) وأنَهم كانوا يقولون: “سبحانك اللهم أنت عزيزٌ في سلطانك وأنتَ لا إله إلا الله”

ومنها: ما أورده الدمشقي الشافعي في جواهر المطالب، قال: فالتفت (أمير المؤمنين إلى ابنه الحسن) وقال: يا حسن. قال: لبيك يا أمير المؤمنين. قال: إنِّي ميِّتٌ بعد ثلاث، فإذا متُّ فكفِّني بثياب بياض وحنِّطني بفضلة الحنوط الذي نزل به جبرئيل إلى جدِّك من الجنَّة، وضعوني على سريري واحملوا مؤخر السرير، فسيروا حيث سار بكم السرير، فإذا وقف قفوا، ثم احفروا فإنكم ستجدون ساجة اتخذها لي جدُّك (نوح) عليه أفضل الصلاة والسلام فضعوني فيها، وضعوا علي من اللبن سبعا.

قال أبو عبد الله (الجدلي): فأتيتُ اليوم الثاني والثالث؟ وقد تُوفي (عليه السلام) وغُسِّل وكُفِّن ووُضعَ على سريره رضي الله عنه، فلمَّا حُمِل المؤخَّر وإنَّ المقدم ليسير بنا؟ فلمَّا وقف السرير وقفنا وحفرنا فوجدنا ساجةً منقورة على مثال أمير المؤمنين فوضعناه فيها، ووضعناه عليه من اللبن سبعا ..”(12).

أقول: معنى قوله: “فوجدنا ساجةً منقورة على مثال أمير المؤمنين فوضعناه فيها” أنَّ الساجة التي اتَّخذها نوح (ع) كانت بمقدار جثمان أمير المؤمنين (ع) هذا وقد نصَّت الرواية على ما نصَّت عليه الروايات السابقة من أنَّهم كانوا يسيرون بمؤخَّر السرير حيث كان يسير ويتوجَّه الملائكة بمقدَّم السرير، وأنَّهم احتفروا الموضع الذي وضعت الملائكةُ عنده مقدَّم السرير.

هذه مجموعة من الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) وعددٌ من النصوص التأريخيَّة التي وقفتُ عليها سريعاً، وهي كافية للإثبات التأريخي.

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

19 / شهر رمضان / 1443ه

21 / ابريل / 2022م 



المصدر


اكتشاف المزيد من مركز الكوثر الثقافي التعليمي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد