هنا في نجع السلام بقرية الشعراني في قوص جنوبي قنا، كان للقرية موعدا مع الفخر بإحدى سيداتها، التي كافحت وحاربت من أجل تحقيق حلمها الذي كان في البداية مستحيلا، إلا أنها بقوة عزيمتها وإصرارها، نجحت في أن تكون مثالا يحتذى به في محو الأمية، ليس لسيدات القرية فقط، بل على مستوى الجمهورية.
نجلاء قصة لبطلة صعيدية، نحتت في الصخر، وتحدت الظروف، لرغبتها الشديدة في التعلم، بعد أن رفض جدها، الحاقها بالتعليم، إلا أن والدتها كانت السند لها، وألحقتها بكتاب القرية، حتى لا تكون جاهلة، لا تعرف القراءة أو الكتابة.
نجلاء علي محمد علي باحثة ماجستير بكلية الآداب جامعة جنوب الوادي، حصلت على محو الأمية عام 1990 ثم الشهادة الإعدادية عام 1993 لتكمل مسيرتها فى التعليم حتى حصلت على ليسانس الآداب من جامعة جنوب الوادى سنة 2011 وسجلت لنيل درجة الماجستير عام 2020.
قصة التحدي، بدأتها نجلاء منذ صغرها، إذ كانت تسكن في بيت العائلة، ورفض جدها تعليم الفتيات، كعادة قديمة في قرى الصعيد، إلا أن والدتها، واجهت هذا الرفض، وساعدت ابنتها في الالتحاق بكتاب القرية لتتعلم القراءة وحفظ القرآن الكريم.
تتلمذت نجلاء على يد الشيخ محمد جمعة، وتعلمت على يده وحفظت أكثر من ثلثي القرآن الكريم حتى الآن، وفي عمر التاسعة، حاولت والدتها الحاقها بفصول محو الأمية، إلا أن الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، رفضت ذلك، لصغر سنها، ولكن لرغبة الطفلة في التعلم، التحقت بفصول محو الأمية بشكل ودي عندما كان عمرها 10 أعوام، لمدة عامين لتتعلم القراءة والكتابة.
وبعد أن أتمت نجلاء الثانية عشر من عمرها، التحقت بشكل رسمي بفصول محو الأمية، وحصلت على شهادة محو الأمية، في عام 2000، التحقت بالمرحلة الإعدادية في مدرسة الشعراني بقوص، بنظام الانتساب، إذ تذهب لأداء الامتحانات فقط.
غضبت الأم وقتها، إذ كانت ترغب في أن تذهب ابنتها بشكل يومي للمدرسة، كافحت الأم حتى حصلت على موافقة من اللواء عادل لبيب، محافظ قنا الأسبق، لتبدأ نجلاء رحلة التعليم، والحصول على الشهادة الإعدادية والثانوية، ثم التحقت بكلية الآداب جامعة جنوب الوادي، وحصلت على ليسانس الآداب في عام 2011 وأكملت الدبلوم التربوي للعام الواحد بكلية التربية، ثم أكملت تمهيدي الماجستير بكلية الآداب، ثم سجلت لنيل درجة الماجستير.
ترى نجلاء، أن ما وصلت إليه هو حلم كان صعبا للغاية، بداية من تحدي الظروف التي ألمت بها، مرورا بإصرارها في التفوق في كل مرحلة تعليمية كانت تلتحق بها، حتى ترفع رأسها ورأس والدتها، التي كانت السند والدعم لها، موضحة أنها عزيمتها وإصرارها، كان سببا رئيسيا فيما وصلت إليه.
وتوضح نجلاء ، أنها واجهت ظروف معنوية قرية في حياتها، مثل نظرة الناس لها ، وأيضا نظرة بعض المعلمين، إلا أنها مع كل صعب ، كانت عزيمتها تزداد ، حتى تثبت للجميع، أن رغبتها في التعليم ، قادرة على أن تتحدى المستحيل.
وبعد تخرجها، حاولت نجلاء ، أن تحصل على وظيفة، تساعدها في تحمل مصاريف الحياة اليومية، وتساعد والدتها، وتساعد نفسها في مصاريف الماجستير، ولكن لم يُكتب لها ذلك، فحاولت البحث عن وظيفة وطرقت كافة الأبواب، ولكن دون جدوى ، حتى عملت في صيدلية حتى تنفق على دراستها.
ترى نجلاء، التي حصلت على تكريم أكثر من مرة ، من محو الأمية ومن التربية والتعليم، أن التعليم أساس الحياة، وأن الرغبة في التعليم، قادرة على محو كل الصعوبات ، التي توجه البعض، موضحة أن التكريم معنوي، ودافع لتحقيق رغبتها في نيل أعلى الدرجات العلمية.
اكتشاف المزيد من مركز الكوثر الثقافي التعليمي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.