حكايات| يرويها حفيد مؤسس المستشفى الإيطالي.. قصة‭ ‬إنقاذ‭ ‬‬الملك‭ ‬فؤاد‭ ‬بعد‭ ‬محاولة‭ ‬قتله

0
13

أريد‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬أكشف‭ ‬عن‭ ‬سر‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬أسرار‭ ‬إيمبيدوكلي‭ ‬جاليو‭ ‬مؤسس‭ ‬المستشفى‭ ‬الإيطالى‭ ‬بالقاهرة‭ – ‬ربما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬أبلغ‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬كلها‭.‬

 

فقد‭ ‬ولدت‭ ‬جدتى‭ ‬فى‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1868،‭ ‬وهو‭ ‬نفس‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬الشهر‭ ‬والسنة‭ ‬التى‭ ‬ولد‭ ‬فيها‭ ‬إيمبيدوكلى،‭ ‬فى‭ ‬مصادفة‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ممكنًا‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬أقدار‭ ‬إيمبيدوكلى‭.‬

 

وحيث‭ ‬إنها‭ ‬تزوجت‭ ‬من‭ ‬أخيه‭ ‬الأكبر‭ ‬كالوجيرو‭ (‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬قد‭ ‬تعدت‭ ‬بعد‭ ‬الستة‭ ‬عشر‭ ‬ربيعًا‭)‬،‭ ‬فإنها‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬أن‭ ‬تفلت‭ ‬من‭ ‬مهابة‭ ‬شخصية‭ ‬صهرها‭ ‬الذى‭ ‬قاده‭ ‬القدر‭ ‬إلى‭ ‬تشييد‭ ‬المستشفى‭ ‬الإيطالى‭ ‬فى‭ ‬القاهرة،‭ ‬وإلى‭ ‬علاج‭ ‬جيلين‭ ‬من‭ ‬العائلة‭ ‬الملكية‭ ‬فى‭ ‬مصر‭: ‬فأرادت‭ ‬أن‭ ‬تذكر‭ ‬تلك‭ ‬الرابطة‭ ‬العاطفية‭ ‬فى‭ ‬وصيتها‭ ‬التى‭ ‬كتبتها‭ ‬فى‭ ‬الليلة‭ ‬الأخيرة‭ ‬قبل‭ ‬وفاتها‭ (‬فى‭ ‬يوليو‭ ‬1943‭)‬،‭ ‬بأن‭ ‬خصصت‭ ‬مبلغ‭ ‬مليون‭ ‬ليرة‭ ‬من‭ ‬ليرات‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة،‭ ‬فى‭ ‬صورة‭ ‬سندات‭ ‬خزانة‭ ‬بنك‭ ‬إيطاليا،‭ ‬وأهدتها‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬إيمبيدوكلى‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬إدارته‭: ‬وبعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب،‭ ‬شاء‭ ‬القدر‭ ‬لى‭ ‬أن‭ ‬أقوم‭ ‬بدورى،‭ ‬فذهبت‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬1948‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬حتى‭ ‬أسلم‭ ‬ذلك‭ ‬االإرثب،‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬ذا‭ ‬قيمة‭ ‬كبيرة،‭ ‬إلى‭ ‬يدى‭ ‬صهرها‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭!‬

 


 

 

وأنا‭ ‬أكشف‭ ‬هنا‭ ‬النقاب‭ ‬عن‭ ‬لغز‭ ‬تلك‭ ‬الرحلة،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬الجائز‭ ‬لى‭ ‬شرعًا‭ ‬أن‭ ‬أرفع‭ ‬الحجب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬االإنجذاب‭ ‬الأفلاطونىب‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬يقرّب‭ ‬الفضيلة‭ ‬الجامحة‭ ‬لفتاة‭ ‬صغيرة‭ ‬من‭ ‬صقلية‭ ‬تنتمى‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر،‭ ‬ونشأت‭ ‬فى‭ ‬بيئة‭ ‬تعيش‭ ‬وتقدس‭ ‬أجواء‭ ‬رواية‭ ‬االكبرياء‭ ‬والهوىب‭ (‬للكاتبة‭ ‬جاين‭ ‬أوستن‭ – ‬1813‭) ‬أو‭ ‬رواية‭ ‬امرتفعات‭ ‬ويذرينجب‭ (‬للكاتبة‭ ‬إيملى‭ ‬برونت‭) ‬ويجذبها‭ ‬باتجاه‭ ‬الأحداث‭ ‬الخيالية‭ ‬الرومانسية‭ ‬التى‭ ‬عاشها‭ ‬ذلك‭ ‬الجراح‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬بمثابة‭ ‬توأم‭ ‬ولادتها‭ ‬بشكل‭ ‬خلاب‭ ‬معجز‭… ‬ومازال‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬أحفاد‭ ‬منشأته‭ ‬الطبية‭ ‬وأبناؤهم‭ ‬ينحنون‭ ‬أمام‭ ‬هذا‭ ‬اللغز‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭! ‬

‭ ‬والآن‭ ‬اسمحوا‭ ‬لى‭ ‬أن‭ ‬أتوقف‭ ‬قليلا،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬فى‭ ‬القصص‭ ‬الروائية‭ ‬الحديثة،‭ ‬حيث‭ ‬تبتعد‭ ‬الشخصيات‭ ‬المحورية‭ ‬عن‭ ‬بؤرة‭ ‬الإنتباه،‭ ‬بينما‭ ‬تتسارع‭ ‬الأحداث‭ ‬عبر‭ ‬فصول‭ ‬الرواية،‭ (‬كما‭ ‬يقولون‭) ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إثارة‭ ‬فضول‭ ‬القارئ‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬حرارة‭ ‬المتابعة‭ ‬للأحداث‭ ‬التى‭ ‬ستأتى‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭. ‬

 

على‭ ‬أننى‭ ‬لا‭ ‬أجد‭ ‬نفسى‭ ‬ملزمًا‭ ‬بأى‭ ‬اتسلسل‭ ‬أو‭ ‬توافق‭ ‬زمنىب،‭ ‬ويمكننى‭ ‬أن‭ ‬أسمح‭ ‬لنفسى‭ ‬بسرد‭ ‬االأمرب‭ (‬وأعنى‭ ‬به‭ ‬حكايتى‭) ‬بطريقتى‭ ‬الخاصة‭ ‬التى‭ ‬تناسبنى‭! ‬

 

وقد‭ ‬حدث‭ ‬فى‭ ‬يوم‭ ‬5‭ ‬نوفمبر‭ ‬2018،‭ ‬أن‭ ‬تم‭  ‬وضع‭ ‬لوحة‭ ‬على‭ ‬جدار‭ ‬المدخل‭ ‬القديم‭ ‬لـبقصر‭ ‬عائلة‭ ‬جاليوب‭ ‬فى‭ ‬مدينة‭ ‬أجريجينتو‭ ‬بصقلية،‭ ‬فى‭ ‬ذكرى‭ ‬مرور‭ ‬150‭ ‬عامًا‭ ‬على‭ ‬ميلاد‭ ‬إيمبيدوكلى‭ ‬جاليو،‭ ‬والذى‭ ‬تم‭ ‬الاحتفاء‭ ‬به‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬اللوحة‭ ‬التذكارية‭ ‬بالكلمات‭ ‬التالية‭:‬

 

إيمبيدوكلى‭ ‬جاليو

جراح‭ ‬قدير‭ ‬ومفكر‭ ‬إنسانى‭ ‬متميز

رسول‭ ‬الخير

مؤسس‭ ‬مستشفى‭ ‬أمبيرتو‭ ‬الأول

بالقاهرة

مثال‭ ‬عظيم‭ ‬للعلم‭ ‬والإنسانية

تشرف‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭ ‬بمولده‭ ‬فى‭ (‬5‭ ‬نوفمبر‭ ‬1868‭)‬

ويَسعَد‭ ‬مجتمع‭ ‬مدينة‭ ‬أجريجينتو

بذكر‭ ‬فضائله‭ ‬وأعماله

بمناسبة‭ ‬الإحتفال‭ ‬بمرور‭ ‬150‭ ‬عامًا‭ ‬على‭ ‬مولده

أجريجينتو‭ ‬فى‭ ‬5‭ ‬نوفمبر‭ ‬2018

 

وقد‭ ‬حضر‭ ‬هذا‭ ‬الاحتفال‭ ‬سفير‭ ‬مصر‭ ‬الأسبق‭ ‬فى‭ ‬إيطاليا‭ ‬هشام‭ ‬بدر‭ ‬ولفيف‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬الممثلة‭ ‬لمدينة‭ ‬أجريجينتو‭.‬

 

ولكن‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬إيمبيدوكلى‭ ‬جاليو؟‭ … ‬وهل‭ ‬هو‭ ‬جدى‭ ‬المباشر؟

 

ولأى‭ ‬سبب‭ ‬رحل‭ ‬من‭ ‬صقلية‭ ‬وتوجه‭ ‬الى‭ ‬مصر؟‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬الإنجاز‭ ‬الذى‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تكريم‭  ‬ذكراه‭ ‬كمثال‭ ‬عظيم‭ ‬للعلم‭ ‬والإنسانية؟‭ ‬إن‭ ‬مقبرته‭ ‬الكائنة‭ ‬فى‭ ‬حديقة‭ ‬المستشفى‭ ‬الإيطالى‭ ‬بالقاهرة‭ ‬تتمتع‭ ‬بتقدير‭ ‬وإلهام‭ ‬حقيقيين،‭ ‬وقد‭ ‬قمنا،‭ ‬نحن‭ ‬أحفاده،‭ ‬بوضع‭ ‬إكليل‭ ‬برونزى‭ ‬من‭ ‬الزهور‭ ‬فى‭ ‬الذكرى‭ ‬150‭ ‬لميلاده‭.‬

 

واسمحوا‭ ‬لى،‭ ‬أيها‭ ‬القراء‭ ‬الأعزاء،‭ ‬أن‭ ‬أدعوكم‭ ‬لإعادة‭ ‬القراءة‭ ‬فى‭ ‬اذكرىب‭ ‬هذا‭ ‬الجد‭ ‬الرائع،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬أسترسل‭ ‬فى‭ ‬سرد‭ ‬بعضاً‭ ‬من‭ ‬أسرار‭ ‬العائلة‭! ‬وإننى‭ ‬أود‭ ‬وببالغ‭ ‬الفخر‭ ‬أن‭ ‬أؤكد‭ ‬لكم‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سأرويه‭ ‬لكم‭ ‬هو‭ ‬حقيقة‭ ‬تامة‭ ‬ومؤكدة‭.‬

 

فاسمحوا‭ ‬لى‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬أرفع‭ ‬حجبًا‭ (‬يكسوها‭ ‬الإحترام‭ ‬البالغ‭) ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬االكواليس‭ ‬الخلفيةب‭ ‬التى‭ ‬تدعم‭ ‬روايتى‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬أحداثها‭.

 

كنت‭ ‬قد‭ ‬عدت‭ ‬للتو‭ ‬إلى‭ ‬القاهرة،‭ ‬من‭ ‬رحلتى‭ ‬إلى‭ ‬جنوب‭ ‬مصر،‭ ‬وكان‭ ‬إيمبيدوكلى‭ ‬قد‭ ‬دعا‭ ‬المجتمع‭ ‬الراقى‭ ‬المصرى،‭ ‬منتشيًا‭ ‬بمشاعر‭ ‬الفخر‭ ‬لأنه‭ ‬يقدم‭ (‬أخيرًا‭) ‬اسليل‭ ‬دمهب‭ ‬ممثلاً‭ ‬لعائلة‭ ‬لطالما‭ ‬سمع‭ ‬بها‭ ‬الجميع‭!‬

 

لذلك‭ ‬فإننى‭ ‬كنت‭ ‬موضع‭ ‬فضول‭ ‬عام،‭ ‬ولا‭ ‬يمكننى‭ ‬أن‭ ‬أنكر‭ ‬ذلك‭… ‬فقد‭ ‬كنت‭ ‬أشعر‭ ‬بأهميتى‭: ‬

 

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أننى‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أبدًا‭ ‬شخصًا‭ ‬خجولًا،‭ ‬إلا‭ ‬أننى‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬الأمسية‭ ‬كنت‭ ‬أشعر‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كنت‭ ‬ا‭ ‬أواجه‭ ‬المجتمع‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭:‬

 

لا‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أنسى‭ ‬لفتة‭ ‬إيمبيدوكلى‭ ‬عندما‭ ‬اأظهر‭ ‬مزهوًاب‭ ‬أمام‭ ‬أعين‭ ‬جميع‭ ‬ضيوفه‭ … ‬ما‭ ‬أحضرته‭ ‬له‭ ‬،‭ ‬آخر‭ ‬رسالة‭ ‬من‭ ‬جدتى‭ (‬زوجة‭ ‬شقيقه‭) ‬إوجينيا‭: ‬مظروفًا‭  ‬يحتوى‭ ‬على‭ ‬مليون‭ ‬ليرة‭ ‬من‭ ‬أذون‭ ‬خزانة‭ ‬ثلاثينية‭ ‬صادرة‭ ‬من‭ ‬بنك‭ ‬إيطاليا‭: ‬كما‭ ‬ذكرنا‭ ‬آنفًا،‭ ‬مدرجة‭ ‬فى‭ ‬وصية‭ ‬قانونية‭ ‬لجدتى،‭ ‬تم‭ ‬تسجيلها‭ ‬قبل‭ ‬وفاتها‭ ‬بفترة‭ ‬وجيزة‭ (‬يوليو‭ ‬1943‭)… ‬وفى‭ ‬زمن‭ ‬كان‭ ‬المليون‭ ‬فيه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مليونًا‭!‬

 

ففى‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬وقت‭ ‬زيارتى‭ ‬الأولى‭ (‬والأخيرة‭!) ‬لإيمبيدوكلى،‭ ‬كانت‭ ‬الليرة‭ ‬الإيطالية‭ ‬لاتزال‭ ‬تحتفظ‭ ‬بقيمة‭ ‬كبيرة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الكارثة‭ ‬التى‭ ‬حدثت‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭… ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬شغف‭ ‬الضيوف‭ ‬المصريين‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭! ‬فما‭ ‬كان‭ ‬يثير‭ ‬إهتمامهم‭ ‬بالفعل‭ ‬هو‭ ‬تلك‭ ‬اللفتة‭ ‬من‭ ‬سيدة‭ ‬إيطاليا‭ ‬العظيمة،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬بعد‭ ‬وفاتها،‭ ‬والتى‭ ‬تلقاها‭ ‬إيمبيدوكلى‭ ‬بخشوع،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يخفى‭ ‬عبرات‭ ‬تخنق‭ ‬صوته‭ ‬المنتحب‭ ‬وهو‭ ‬يروى‭ ‬قصتها‭ ‬أمام‭ ‬الجميع،‭ ‬وهى‭ ‬القصة‭ ‬التى‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أسترجع‭ ‬أحداثها‭ ‬هنا‭ ‬بشكل‭ ‬محدد‭ ‬ونهائى‭!‬

 

ولنبدأ‭ ‬بوصول‭ ‬إيمبيدوكلى‭ ‬إلى‭ ‬مصر،‭ ‬عندما‭ ‬فاز‭ ‬بمسابقة‭ (‬أعلنت‭ ‬عنها‭ ‬جامعة‭ ‬روما‭) ‬للتعيين‭ ‬ك‭ ‬اجراح‭ ‬مقيم‭ ‬فى‭ ‬القاهرةب‭: ‬على‭ ‬أن‭  ‬مهام‭ ‬وظيفته‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬قد‭ ‬تحددت‭! ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬معروفًا‭ ‬ما‭ ‬هى‭ ‬طبيعة‭ ‬تلك‭ ‬المهام؟

 

ولماذا‭ ‬تم‭ ‬إعلان‭ ‬تلك‭ ‬المسابقة‭…  ‬والتى‭ ‬بدت‭ ‬وكأنها‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬لا‭ ‬شيء؟‭ ‬الأمر‭ ‬يستحق‭ ‬حقًا‭ ‬أن‭ ‬ننبش‭ ‬فى‭ ‬تفاصيل‭ ‬حياة‭ ‬فؤاد،‭ ‬لنكتشف‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬الأمير‭ (‬ملك‭ ‬المستقبل‭) ‬كان‭ ‬قد‭ ‬أتم‭ ‬دراسته‭ ‬فى‭ ‬إيطاليا،‭ ‬حيث‭ ‬عاش‭ ‬فيها‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة،‭ ‬وحصل‭ ‬أثناءها‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يلى‭:‬

 

أقرأ أيضا: درس قاس من قضاة مصر لـ«الملك فاروق».. ماذا حدث؟

 

‭- ‬فى‭ ‬روما،‭ ‬تخرج‭ ‬فى‭ ‬الجامعة‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬إجازة‭ ‬محاسب‭ ‬قانونى؛

 

– ‬فى‭ ‬نابولى،‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬دبلومة‭ ‬عقيد‭ ‬من‭ ‬مدرسة‭ ‬المدفعية،‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬درجة‭ ‬أستاذ‭ ‬فى‭ ‬جماعة‭ ‬ذات‭ ‬تاريخ‭ ‬لا‭ ‬ينقطع‭ ‬والتى‭ ‬كانت‭ ‬تهتم‭ ‬بالطقوس‭ ‬المصرية‭ ‬التقليدية‭ ‬وتأسست‭ ‬فى‭ ‬نابولى‭ ‬وكانت‭ ‬تمارس‭ ‬أنشطتها‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬١٧٢٨‭.‬

 

– ‬فى‭ ‬تورينو،‭ ‬حل‭ ‬ضيفًا‭ ‬بشكل‭ ‬اعتيادى‭ ‬ومتكرر‭ ‬على‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬أمبرتو‭ ‬الأول‭ ‬وأصبح‭ ‬عضوًا‭ ‬فخريًا‭ ‬فى‭ ‬أكاديمية‭ ‬سافوى‭ ‬العسكرية؛

 

‭- ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬فى‭ ‬روما،‭ ‬تم‭ ‬تعيينه‭ ‬قائدًا‭ ‬للفوج‭ ‬13‭ ‬مدفعية؛‭ ‬وفى‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬،‭ ‬تم‭ ‬منحه‭ ‬كذلك‭ ‬قلادة‭ ‬صليب‭ ‬فارس‭ ‬سافوى‭ ‬العسكرى‭.‬

 

ولذا‭ ‬فإننا‭ ‬لا‭ ‬يساورنا‭ ‬أى‭ ‬شك‭ ‬فى‭ ‬حبه‭ ‬لإيطاليا‭ ‬التى‭ ‬كان‭ ‬يتحدث‭ ‬لغتها‭ ‬بإتقان‭ ‬كامل،‭ ‬وقد‭ ‬دفع‭ ‬هذا‭ ‬الحب‭ ‬فؤاد‭ ‬إلى‭ ‬تأسيس‭ ‬الجامعة‭ ‬الإيطالية‭ ‬فى‭ ‬القاهرة،‭ ‬واستدعى‭ ‬اليها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحاضرين‭ ‬الإيطاليين‭ ‬ذوى‭ ‬الأسماء‭ ‬اللامعة‭ ‬مثل‭ ‬الأساتذة‭ ‬جويدى‭ ‬وميلونى‭  ‬ونيلّينو‭ ‬وسانتيلّى‭ ‬وغيرهم‭.‬

 

من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬فؤاد‭ ‬كان‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ينشئ‭ ‬فى‭ ‬القاهرة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬اأهل‭ ‬الثقة‭ ‬الإيطاليينب‭ ‬الخاصة‭ ‬به‭ ‬شخصيًا،‭ ‬يستطيع‭ ‬الاعتماد‭ ‬عليهم‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬القنوات‭ ‬الدبلوماسية‭: ‬فهل‭ ‬يمكننا‭ ‬بذلك‭ ‬افتراض‭ ‬وجود‭ ‬صلة‭ ‬ما‭ ‬بـ‭ ‬اأجهزة‭ ‬مخابرات‭ ‬سريةب؟‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬محتمل،‭ ‬ويبرر‭ ‬ذلك‭ ‬أيضًا‭ ‬المهمة‭ ‬التى‭ ‬كلف‭ ‬بها‭ ‬إيمبيدوكلى‭ ‬بأن‭ ‬عيّنه‭ ‬كبطبيب‭ ‬القصر‭ ‬الملكىب،‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬ذلك‭ ‬بالفعل‭ ‬فى‭ ‬نهاية‭ ‬التسعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭.‬

 

وطبقًا‭ ‬لهذا‭ ‬االمنظورب،‭ ‬فإن‭ ‬الملك‭ ‬فؤاد‭ ‬كان‭ ‬ينوى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بجانبه‭ ‬أخصائيًا‭ ‬خبيرًا‭ ‬فى‭ ‬الطب‭: ‬وعليه‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬تعيين‭ ‬إيمبيدوكلى‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭  ‬اطبيب‭ ‬العائلة‭ ‬المالكةب،‭ ‬مع‭ ‬الإقامة‭ ‬فى‭ ‬قصر‭ ‬عابدين‭: ‬وحتى‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬المستشفى‭ ‬فى‭ ‬الحسبان‭! ‬فهل‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بحدس‭ ‬داخلى‭ ‬شعر‭ ‬به‭ ‬فؤاد؟‭ ‬فسوف‭ ‬يقوم‭  ‬إيمبيدوكلى‭ ‬بالفعل‭ ‬بإنقاذ‭ ‬حياته،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬الذى‭ ‬شاء‭ ‬القدر‭ ‬أن‭ ‬يتعرض‭ ‬فيه‭ ‬للقتل‭.‬

 

ففى‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬كان‭ ‬فؤاد‭ ‬يصارع‭ ‬فى‭ ‬ازواجه‭… ‬الكارثىب‭ ‬ضد‭ ‬الأميرة‭ ‬شويكار‭ ‬هانم،‭ ‬وهى‭ ‬امرأة‭ ‬ورثت‭ ‬ثروة‭ ‬طائلة‭ ‬وكانت‭ ‬ذات‭ ‬دم‭ ‬ملكى،‭ ‬وسوف‭ ‬تقودها‭ ‬مغامراتها‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬حالات‭ ‬طلاق‭ ‬مع‭ ‬أربعة‭ ‬أزواج‭ ‬متتاليين‭ : ‬وقد‭ ‬دفع‭ ‬الانفصال‭ ‬المحتوم‭ ‬شقيق‭ ‬شويكار،‭ ‬الأمير‭ ‬أحمد‭ ‬سيف‭ ‬الدين‭ ‬إبراهيم،‭ ‬لأن‭ ‬يحمل‭ ‬السلاح‭ ‬ويحاول‭ ‬قتل‭ ‬فؤاد‭ ‬بإطلاق‭ ‬رصاصة‭ ‬فى‭ ‬وجهه‭.‬

 

ويعتبر‭ ‬هذا‭ ‬الحادث،‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قاتلاً‭ ‬بالنسبة‭ ‬له،‭ ‬هو‭ ‬امفتاح‭ ‬الثقةب‭ ‬التى‭ ‬شعر‭ ‬بها‭ ‬الملك‭ ‬تجاه‭ ‬إيمبيدوكلى،‭ ‬الذى‭ ‬قام‭ ‬بإجراء‭ ‬عملية‭ ‬جراحية‭ ‬له،‭ ‬واستخرج‭ ‬الرصاصة‭ ‬العالقة‭ ‬فى‭ ‬حلقه‭: ‬وقد‭ ‬ظلت‭ ‬الندبة‭ ‬المتبقية‭ ‬فى‭ ‬وجه‭ ‬فؤاد‭ ‬تذكره‭ ‬بامتنانه‭ ‬له‭ ‬طوال‭ ‬حياته‭.‬

 

كل‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬وقعت‭ ‬قبل‭ ‬بناء‭ ‬المستشفى‭ ‬بوقت‭ ‬طويل‭.‬ فهل‭ ‬كانت‭ ‬الصدفة‭ (‬أى‭ ‬الكارما‭) ‬هى‭ ‬التى‭ ‬نسجت‭ ‬خيوط‭ ‬تلك‭ ‬الحكاية‭ ‬بأكملها‭.‬

 

وبذلك‭ ‬فإن‭ ‬الكارما‭ ‬قد‭ ‬قدرت‭ ‬سلفًا‭ ‬عملية‭ ‬إنقاذ‭ ‬فؤاد‭ ‬الدراماتيكية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬مشاعرالامتنان‭ ‬،‭ ‬وأخيرًا‭ ‬مشروع‭ ‬المستشفى،‭ ‬تحت‭ ‬رعايته‭ ‬الشخصية‭! … ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬حدث‭ ‬بالفعل‭ ‬بما‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬اسم‭ ‬المستشفى‭ (‬أمبرتو‭ ‬الأول‭ ‬كان‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة،‭ ‬وسيموت‭ ‬فى‭ ‬19‭ ‬يوليو‭ ‬1900،‭ ‬فى‭ ‬مدينة‭ ‬مونزا‭: ‬ولكن‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬فؤاد‭ ‬وإمبيدوكلى‭ ‬إتخذا‭ ‬قرار‭ ‬إنشاء‭ ‬المستشفى‭ ‬وبهو‭ ‬مازال‭  ‬حيًاب‭)… ‬وهذا‭ ‬يفسر‭ ‬كذلك‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬التصميم‭ ‬المعمارى‭ ‬للمستشفى‭ ‬كان‭ ‬ابعيدًا‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬أى‭ ‬رؤية‭ ‬تنتمى‭ ‬للقرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشرب‭: ‬وقد‭ ‬أدرك‭ ‬الأصدقاء‭ ‬الذين‭ ‬قاموا‭ ‬بزيارة‭ ‬المستشفى‭  ‬بمناسبة‭ ‬عيد‭ ‬ميلادى‭ ‬التسعين‭ (‬15/11/2019‭) ‬أهمية‭ ‬المبنى‭ ‬الذى‭ ‬يتحدى‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬عمره‭ ‬البالغ‭ ‬120عامًا‭ ‬لاتساع‭ ‬مساحته‭ ‬وروعة‭ ‬أبعاده‭!‬

 

وقد‭ ‬شهد‭ ‬عام‭ ‬1899‭ ‬ميلاد‭ ‬مؤسسة‭ ‬اسيبب‭ (‬الجمعية‭ ‬الخيرية‭ ‬الإيطالية‭)‬،‭ ‬وهى‭ ‬مؤسسة‭ ‬غير‭ ‬هادفة‭ ‬للربح،‭ ‬وجمعت‭ ‬تحت‭ ‬لوائها‭ ‬50.000‭ ‬إيطالى‭ ‬كانوا‭ ‬يعيشون‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭: ‬يكونون‭ ‬جالية‭ ‬ثرية‭ ‬للغاية‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬ملاك‭ ‬المزارع‭ ‬والتجار،‭ ‬وطبقًا‭ ‬للائحة‭ ‬فإن‭ ‬الجمعية‭ ‬كانت‭ ‬تهدف‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬القيام‭ ‬بالأعمال‭ ‬الخيرية‭ ‬الاجتماعية‭.‬

 

وهكذا‭ ‬بدأت‭ ‬ملحمة‭ ‬إيمبيدوكلى،‭ ‬الذى‭ ‬عهد‭ ‬إليه‭ ‬الملك‭ ‬بمشروع‭ ‬المستشفى‭ ‬ابمباركة‭ ‬سياديةب‭: ‬وقد‭ ‬تبدو‭ ‬هذه‭ ‬الحكاية‭ ‬وكأنها‭ ‬قصة‭ ‬خيالية،‭ ‬ولكنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أبدًا‭ ‬كذلك،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬فؤاد‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬وعده‭ ‬بأنه‭ ‬سيتدخل‭ ‬شخصيًا‭ ‬لتعويض‭ ‬أى‭ ‬اعجز‭ ‬مالىب‭ ‬محتمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المحددة‭ ‬بالكامل‭ ‬لإنجاز‭ ‬المشروع‭.‬

 

أما‭ ‬عن‭ ‬جمع‭ ‬التبرعات‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬بحق‭ ‬عملية‭ ‬مثيرة‭ ‬للإعجاب،‭ ‬وتخطت‭ ‬جميع‭ ‬التوقعات،‭ ‬وكانت‭ ‬بمثابة‭ ‬امعجزةب‭ … ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬بناء‭ ‬المستشفى‭ ‬بالفعل‭ ‬فى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬واحد،‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬تبلغ‭ ‬مساحتها‭ ‬15‭ ‬ألف‭ ‬متر‭ ‬مربع،‭ ‬تبرع‭ ‬بها‭ ‬القصر‭ ‬الملكى‭ ‬فى‭ ‬حى‭ ‬العباسية‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬مازال‭ ‬يشهد‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬أهميته‭. ‬

 

أما‭ ‬الدليل‭ (‬والتأكيد‭ ‬الرسمى‭) ‬على‭ ‬هذه‭ ‬االعلاقة‭ ‬المتميزةب‭ ‬التى‭ ‬ربطت‭ ‬حياة‭ ‬الملك‭ ‬فؤاد‭ ‬بأكملها‭ ‬بالملك‭ ‬أمبرتو‭ ‬الأول،‭ ‬فقد‭ ‬ظهرت‭ ‬بشكل‭ ‬رسمى‭ ‬كذلك‭ ‬فى‭ (‬ديسمبر‭ ‬1902‭) ‬مع‭ ‬إطلاق‭ ‬اسم‭ ‬ملك‭ ‬إيطاليا‭ (‬الذى‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬وافاه‭ ‬الأجل‭) ‬على‭ ‬المستشفى‭. ‬وكما‭ ‬ذكرنا‭ ‬سابقًا،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وفاته‭ ‬قبل‭ ‬عامين‭ ‬ونصف‭  ‬العام‭ (‬يوليو‭ ‬1900‭)‬،‭ ‬فقد‭ ‬أرادوا‭ ‬تكريم‭ ‬ذكراه،‭ ‬وجعلها‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للزوال‭ ‬فى‭ ‬مصر‭: ‬وكان‭ ‬إيمبيدوكلى،‭ ‬الذى‭ ‬تم‭ ‬تعيينه‭ ‬مديرًا‭ ‬للمستشفى،‭ ‬هو‭ ‬المروج‭ ‬للمشروع‭ (‬والمحرك،‭ ‬كما‭ ‬وصفته‭ ‬الصحف‭  ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭).‬

 

وقد‭ ‬قام‭ ‬فؤاد‭ ‬ومن‭ ‬بعده‭ ‬فاروق‭ ‬بحماية‭ ‬إيمبيدوكلى‭ ‬طوال‭ ‬حياته،‭ ‬ووصل‭ ‬الأمر‭  ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬إعفاؤه‭ ‬من‭ ‬الاعتقال‭ (‬العسكرى‭) ‬أثناء‭ ‬الحرب‭: ‬وليس‭ ‬ذلك‭ ‬فقط‭: ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬الإيطالى‭ ‬الوحيد‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬يتجول‭ ‬بحرية‭ ‬بسيارته‭ (‬وكانت‭ ‬سيارة‭ ‬بوجاتّى‭ ‬عتيقة‭!)… ‬

 

ولم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬التمييز‭ ‬خاصا‭ ‬فقط‭ ‬بحظر‭ ‬التجول‭… ‬بل‭ ‬تمكن‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬تبرير‭ ‬إدخال‭ ‬الأسرى‭ ‬الإيطاليين‭ ‬فى‭ ‬المستشفى،‭ ‬فكانت‭ ‬تتم‭ ‬استضافتهم،‭ ‬تحت‭ ‬مسئوليته‭ ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬مجرد‭ ‬توصية‭ ‬بسيطة‭ ‬منه،‭ ‬ليتم‭ ‬اترحيلهم‭ ‬من‭ ‬معسكرات‭ ‬الاعتقال‭ ‬العسكرية‭ ‬البريطانيةب‭.‬

 

فى‭ ‬تلك‭ ‬الأمسية‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬والتى‭ ‬كانت‭ ‬بمثابة‭ ‬نقطة‭ ‬تحول‭ ‬لى‭ ‬فى‭ ‬مرحلة‭ ‬شبابى،‭ ‬دعا‭ ‬إيمبيدوكلى‭ ‬اأهم‭ ‬شخصيات‭ ‬المجتمع‭ ‬الراقى‭ ‬فى‭ ‬القاهرةب‭ ‬إلى‭ ‬فيلته‭ ‬الخاصة،‭ ‬وأراد‭ ‬اتقديمب‭ ‬اابن‭ ‬أخيه‭ ‬الأسطورىب‭ ‬ويظهر‭ ‬لجميع‭ ‬أصدقائه‭ ‬الإنسان‭ ‬الذى‭ ‬يُخلِّد‭ ‬بفخر‭ ‬اسم‭ ‬ازوجة‭ ‬أخيه‭ ‬المفضلةب‭ ‬إوجينياب‭… ‬وقد‭ ‬تلألأت‭ ‬الدموع‭ ‬فى‭ ‬عينيه‭ ‬وهو‭ ‬يقدم‭ ‬هديتها،‭ ‬اكنزها‭ ‬الصغيرب‭ ‬الذى‭ ‬يربو‭ ‬على‭ ‬مليون‭ ‬ليرة‭ (‬من‭ ‬ليرات‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭) ‬فى‭ ‬صورة‭ ‬سندات‭ ‬الخزانة‭ … ‬والتى‭ ‬كانت‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬تحتفظ‭ ‬بقيمتها‭ ‬الشرائية‭! ‬ولكن‭ ‬القيمة‭ ‬الحقيقية‭ ‬كانت‭ ‬تكمن‭ ‬بالأحرى‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬االمشهد‭ ‬العظيمب‭ ‬الذى‭ ‬أثار‭ ‬شجون‭ ‬إيمبيدوكلى‭ ‬وجعله‭ ‬فخوراً‭ ‬أمام‭ ‬هذا‭ ‬الحضور‭ ‬المتميز‭ ‬من‭ ‬ازهرةب‭ ‬المجتمع‭ ‬الراقى‭ ‬فى‭ ‬القاهرة‭.‬

 

ويكفى‭ ‬أن‭ ‬نذكر‭ ‬منهم،‭ ‬بادئ‭ ‬ذى‭ ‬بدء،‭ ‬نيلسون‭ ‬موربورجو‭ (‬1899-1978‭)‬،‭ ‬وكان‭ ‬زعيم‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬الإيطاليين‭ (‬شعراء‭ ‬وسياسيين‭ ‬وفنانين‭) ‬الذين‭ ‬أسسوا‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬1921‭ ‬االحركة‭ ‬المستقبلية‭ ‬الإيطاليةب‭ ‬فى‭ ‬مصر،‭ ‬وفى‭ ‬تلك‭ ‬الأمسية،‭ ‬أهدى‭ ‬إلىّ‭ ‬أشهر‭ ‬كتاب‭ ‬قام‭ ‬بتأليفه‭: ‬انار‭ ‬الأهراماتب‭.‬

 

ويُعتبر‭ ‬موربورجو‭ ‬بحق‭ ‬مؤسس‭ ‬الحركة‭ ‬المستقبلية‭ ‬الإيطالية،‭ ‬ووريث‭ ‬فيليبو‭ ‬تومّازو‭ ‬مارينيتى‭ (‬المولود‭ ‬فى‭ ‬الإسكندرية‭ ‬عام‭ ‬1877‭) ‬الذى‭ ‬يحتل‭ ‬مجلده‭ ‬اسحر‭ ‬مصرب‭ ‬مكانة‭ ‬مرموقة‭ ‬فى‭ ‬مكتبتى‭ ‬ويعتبر‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬فى‭ ‬فن‭ ‬وأدب‭ ‬الحركة‭ ‬المستقبلية‭.‬

 

كانت‭ ‬هذه‭ ‬هى‭ ‬حقبة‭ ‬السنوات‭ ‬الذهبية‭ ‬لتلك‭ ‬المجموعة‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬اللامعين،‭ ‬الذين‭ ‬عبروا‭ ‬عن‭ ‬نشوتهم‭ ‬بمبادئهم‭  ‬الأدبية‭ ‬فى‭ ‬ابيان‭ ‬المرأة‭ ‬المستقبليةب‭ ‬،‭ ‬الذى‭ ‬وقّعته‭ ‬فالنتينا‭ ‬فيرتشيلّى‭… ‬وكانت‭ ‬هى‭ ‬أيضًا‭ ‬حاضرة‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬المساء،‭ ‬وقد‭ ‬اعتنقت‭ ‬فالنتينا‭ ‬المسكينة‭ ‬الديانة‭ ‬الإسلامية‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬روحية‭ ‬نور‭ ‬الدين‭ (‬أى‭ ‬النور‭ ‬الروحى‭ ‬للدين‭)‬،‭ ‬وكانت‭ ‬بصحبة‭ ‬حبيبها‭ ‬العاشق‭ ‬ريتشوتّى‭ ‬كانوتو‭… (‬وعاشت‭ ‬فى‭ ‬القاهرة‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1924‭ ‬وحتى‭ ‬وافتها‭ ‬المنية‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬1953‭)‬،‭… ‬ودفنت‭ ‬فى‭ ‬فقر‭ ‬مدقع‭ ‬فى‭ ‬امقبرةب‭ ‬فى‭ ‬قرافة‭ ‬القاهرة‭!).‬

 

وقد‭ ‬قرأت‭ ‬لنا‭ ‬مقطعًا‭ ‬مؤثراً‭ ‬من‭ ‬البيان‭ ‬آنف‭ ‬الذكر‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬اقتبس‭ ‬منه‭ ‬ما‭ ‬يلى‭:‬

‭…‬االنساء‭ … ‬هن‭ ‬إيرينيس،‭ ‬هن‭ ‬الأمازونيات،‭ ‬هن‭ ‬سميراميس‭ ‬وجان‭ ‬دارك‭ ‬وجوديث،‭ ‬هن‭ ‬شارلوت‭ ‬كورداى،‭ ‬هن‭ ‬كليوباترا‭ ‬وميسالينا،‭ ‬هن‭ ‬المحاربات‭ ‬اللائى‭ ‬يقاتلن‭ ‬بشراسة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الذكور،‭ ‬هن‭ ‬العاشقات‭ ‬المغريات،‭ ‬هن‭ ‬المدمرات‭ ‬اللاتى‭ ‬يعصفن‭ ‬بالضعفاء‭ ‬وييسرن‭ ‬الانتقاء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الكبرياء‭ ‬واليأس،‭ ‬فاليأس‭ ‬هوالذى‭ ‬يمنح‭ ‬القلب‭ ‬أقصى‭ ‬طاقة‭ ‬ممكنة‭!‬ب‭…‬

 

وقد‭ ‬رد‭ ‬إيمبيدوكلى‭ ‬أمام‭ ‬جميع‭ ‬الضيوف‭ ‬بتقديم‭ ‬فقرة‭ ‬من‭ ‬مقدمة‭ ‬كتابها‭ ‬اصيرنوصب،‭ ‬الذى‭ ‬ناقشت‭ ‬فيه‭ ‬االاندماج‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب،‭ ‬فهما‭ ‬الحضارتان‭ ‬العدوتان‭ ‬فيما‭ ‬بينهما‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬المباليتين‭ ‬ببعضهما‭ ‬البعض،‭ ‬ولكن‭ ‬مصيرهما‭ ‬هو‭ ‬التلاقى‭ ‬والاندماجب‭… ‬ويا‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬نبوءة‭!‬

 

لكن‭ ‬نجم‭ ‬تلك‭ ‬الاحتفالية‭ ‬اللامع‭ ‬كان‭ ‬صديق‭ ‬إيمبيدوكلى‭ ‬العظيم،‭ ‬محمد‭ ‬محمود‭ ‬خليل‭ ‬بك،‭ ‬وكان‭ ‬راعيًا‭ ‬للفنون‭ ‬ومن‭ ‬هواة‭ ‬جمع‭ ‬القطع‭ ‬الفنية‭ ‬وداعمًا‭ ‬للفنون‭ ‬الحديثة‭ ‬فى‭ ‬مصر،‭ ‬وكان‭ ‬أصغر‭ ‬منه‭ ‬فى‭ ‬السن‭ ‬بسنوات‭ ‬قليلة‭ ‬طبقًا‭ ‬لتاريخ‭ ‬الميلاد‭ (‬1877‭ ‬مقابل‭ ‬1868‭).. ‬وقد‭ ‬ساهم‭ ‬فى‭ ‬تأسيس‭ ‬بنك‭ ‬مصر‭.‬

 

‭‬وقام‭ ‬بتنظيم‭ ‬أول‭ ‬دورة‭ ‬من‭ ‬معرض‭ ‬الفن‭ ‬الدولى‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬1937‭ ‬وكان‭ ‬مخصصًا‭ ‬لمصر‭ ‬بصفتها‭ ‬اأم‭ ‬الفنون‭ ‬والتقنيات‭ ‬التطبيقيةب‭ ‬وفى‭ ‬نفس‭ ‬العام‭ ‬وبصفته‭ ‬وزيرا‭ ‬للزراعة‭ ‬تم‭ ‬منحه‭ ‬وسام‭ ‬افارس‭ ‬الصليب‭ ‬الأكبر‭ ‬سان‭ ‬ماوريتسيو‭ – ‬إيطالياب‭.  ‬

 

وفى‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬أنشأ‭ ‬محمود‭ ‬خليل‭ ‬الحركة‭ ‬الفرعونية‭ ‬القومية،‭ ‬وأطلق‭ ‬عليها‭ ‬اسم‭ ‬انهضة‭ ‬مصرب‭ ‬تيمنًا‭ ‬بـ‭(‬عصر‭ ‬النهضة‭) ‬ومزج‭ ‬فى‭ ‬متحفه‭ ‬اموماكب‭ (‬متحف‭ ‬الفن‭ ‬الحديث‭ ‬والآلات‭ ‬الحديثة‭) ‬قطعًا‭ ‬من‭ ‬الفن‭ ‬المعاصر‭ ‬وآلات‭ ‬ذات‭ ‬تقنية‭ ‬حديثة‭ ‬وتطبيقية‭ ‬وخاصة‭ ‬اللوحات‭ ‬الفنية‭ ‬التى‭ ‬تنتمى‭ ‬إلى‭ ‬مذهب‭ ‬الانطباعية‭ ‬الفرنسية‭:‬

 

وقد‭ ‬تعددت‭ ‬فيه‭ ‬أسماء‭ ‬الفنانين‭ ‬امن‭ ‬مونيه‭ ‬إلى‭ ‬جوجان،‭ ‬ومن‭ ‬تولوز‭ ‬لوتريك‭ ‬إلى‭ ‬فان‭ ‬جوخ،‭ ‬ومن‭ ‬هنرى‭ ‬روسو‭ ‬إلى‭ ‬كوروتب‭ ‬وقد‭ ‬قام‭ ‬محمد‭ ‬محمود‭ ‬بإهدائه،‭ ‬عند‭ ‬وفاته،‭ ‬إلى‭ ‬زوجته‭ ‬الجميلة‭ ‬إميليان‭ ‬لوس،‭ ‬المغنية‭ ‬والراقصة‭ ‬الفرنسية،‭ ‬التى‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فازت‭ ‬فى‭ ‬معركة‭ ‬قضائية‭ ‬طويلة،‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬نقل‭ ‬ممتلكاته‭ ‬بالكامل‭ ‬فى‭ ‬متحف‭ ‬موماك‭ ‬الذى‭ ‬أنشأه‭ ‬فى‭ ‬القاهرة،‭ ‬فى‭ ‬القصر‭ ‬الذى‭ ‬عاشا‭ ‬فيه‭ ‬معا‭ ‬فى‭ ‬سعادة،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬يعتبر‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬أحد‭ ‬أجمل‭ ‬الأماكن‭ ‬فى‭ ‬القاهرة‭.‬

 

وعند‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬لقائى‭ ‬مع‭ ‬محمود‭ ‬خليل،‭ ‬لا‭ ‬يسعنى‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أذكر‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭ ‬الحاسمة‭ ‬فى‭ ‬4‭ ‬فبراير‭ ‬1942‭ ‬عندما‭ ‬دعاه‭ ‬الملك‭ ‬فاروق‭ (‬وكان‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬رئيسًا‭ ‬لمجلس‭ ‬الشيوخ‭) ‬إلى‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬معارضة‭ ‬للإمبراطورية‭ ‬البريطانية‭ ‬ولحزب‭ ‬الوفد‭ ‬الذى‭ ‬يمثله‭ ‬حسين‭ ‬سرى‭ ‬باشا‭.‬

 

ولكن‭ ‬تدخل‭ ‬الدبابات‭ ‬البريطانية‭ ‬التى‭ ‬حاصرت‭ ‬بقيادة‭ ‬الجنرال‭ ‬روبرت‭ ‬ستون‭ ‬القصر‭ ‬الملكى‭ ‬فى‭ ‬عابدين‭ ‬لمدة‭ ‬ثلاثة‭ ‬عشر‭ ‬ساعة‭ ‬ابالتواطؤب‭ ‬مع‭ ‬السفير‭ ‬البريطانى‭ ‬مايلز‭ ‬لامبسون (‬الذى‭ ‬وصل‭ ‬به‭ ‬الأمر‭  ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هدد‭ ‬بإجبار‭ ‬فاروق‭ ‬على‭ ‬الاستقالة‭!)‬،‭ ‬أجهض‭ ‬ذلك‭ ‬المشروع‭ ‬الشجاع‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يغير‭ ‬مصير‭ ‬الحرب‭ … ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬فيه‭ ‬الجيش‭ ‬الإيطالى‭ – ‬الألمانى‭ ‬يبدو‭ ‬اعالقًا‭ ‬فى‭ ‬صحراءب‭ ‬العلمين‭ … ‬وتلك‭ ‬هى‭ ‬أحداث‭ ‬التاريخ‭!‬

 

ولست‭ ‬أدرى‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬اجمعية‭ ‬أصدقاء‭ ‬الجمالب‭ ‬التى‭ ‬أسسها‭ ‬خليل‭ ‬عام‭ ‬1924‭ ‬مازالت‭ ‬قائمة،‭ ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬أى‭ ‬حال‭ ‬فإن‭ ‬حلم‭ ‬خليل‭ ‬فى‭ ‬االنهضة‭ ‬العربيةب‭ ‬مازال‭ ‬باقيًا‭ ‬بالتأكيد‭..‬ فمصر‭ ‬سوف‭ ‬تظل‭ ‬أبد‭ ‬الدهر‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬شىء‭ ‬وفوق‭ ‬الجميع‭ … ‬سوف‭ ‬تظل‭ ‬باقية،‭ ‬لأنه،‭ ‬كما‭ ‬تقول‭ ‬قصيدة‭ ‬عربية‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الثالث‭ ‬عشر‭:‬

 

اكل‭ ‬الأشياء‭ ‬تخشى‭ ‬الزمن‭ ‬ولكن‭ ‬الزمن‭ ‬يخشى‭ ‬الأهرامات.. هل‭ ‬يمكن‭ ‬لهذه‭ ‬العبارة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬اختامب‭ ‬كتابى؟

 

لا‭ ‬أعلم،‭ ‬ولا‭ ‬أعتقد‭ ‬ذلك،‭ ‬وآمل‭ ‬حقًا‭ ‬ألا‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك،‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬نهاية‭ ‬فى‭ ‬االكارماب‭ ‬الخاصة‭ ‬بى‭… ‬ أنا‭ ‬أتمنى‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الفصل‭ ‬الخاص‭ ‬بى

 

لا‭ ‬يبدو‭ ‬كنهاية‭ ‬ولكن‭ ‬اكختامب‭ ‬لإنجاز‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تغرب‭ ‬شمسه‭:‬ هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬هو‭ ‬المؤسسة‭ ‬الخيرية‭ ‬اسيبب،‭ (‬بالاتحاد‭ ‬مع‭ ‬جمعيتنا‭ ‬التى‭ ‬تحمل‭ ‬نفس‭ ‬الاسم‭) ‬التى‭ ‬توجت‭ ‬حياة‭ ‬إيمبيدوكلى‭ ‬وتحت‭ ‬هذا‭ ‬الاسم نمارس‭ ‬رسميًا‭ ‬أنشطتنا‭ ‬الخيرية‭ ‬فى‭ ‬مختلف‭ ‬البلدان‭.‬

 

ومن‭ ‬أجلها‭ ‬ومعها،‭ ‬اتحدت‭ ‬عائلتا‭ ‬بينيديتّى‭ – ‬جاليو،‭ ‬ومازالت‭ ‬تواصل‭ ‬المعركة‭ ‬التى‭ ‬بدأها‭ ‬جدنا‭ ‬فينشينزو‭ ‬جاليو‭ ‬فى‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬عشر،‭ ‬نحو‭ ‬أهداف‭ ‬جديدة‭ ‬ودائمًا‭ ‬وأبدًا‭ ‬نحو‭ ‬أهداف‭ ‬أعظم‭.‬

المصدر


اكتشاف المزيد من مركز الكوثر الثقافي التعليمي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد