سورة الممتحنة مكتوبة.. معاني المفردات وشأن النزول

0
29

 

بِسْمِ اللهِ الرَّ‌حْمَـٰنِ الرَّ‌حِيمِ

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴿۱﴾

 

إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴿۲﴾ لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴿۳﴾ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْ‌ءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴿٤﴾

 

رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴿٥﴾ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴿٦﴾ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴿۷﴾

 

لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴿۸﴾ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴿۹﴾

 

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴿۱۰﴾

 

وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْ‌ءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴿۱۱﴾ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴿۱۲﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ﴿۱۳﴾


 

تسميتها

سُميت السورة بالممتحنة؛ بلحاظ حالة التمحيص والامتحان التي وردت في قوله تعالى في الآية العاشرة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾، وقيل: إنها سُميت بالممتحنة باسم امرأة جاءت تشكو إلى رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أمرها، وتسمى أيضاً بسورة الامتحان وسورة المودّة.

 

معاني مفرداتها

أهم المعاني لمفردات السورة:

(بِالْمَوَدَّةِ): المحبة، وهنا المراد منها: الموالاة.

(يَثْقَفُوكُمْ): يدركوكم ويظفروا بكم.

(أُسْوَةٌ): قدوة يُقتدى به.

(فِتْنَةً): اختبار.

(تُقْسِطُوا): من القسط: وهو العدل.

(بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ): عِصم: جمع عصمة: وهي ما يُتمسّك به، والكوافر: جمع كافرة: وهي التي لا تؤمن بالله.

 

محتواها

يتلخّص محتوى السورة في قسمين:

الأول: يتحدث عن موضوع (الحب في الله) و (البغض في الله)، وينهى عن عقد الولاء والود مع المشركين، ويدعو المسلمين أن يستلهموا من سيرة الرسول العظيم إبراهيم عليه السلام فيما يتعلّق بموقفه من أقرب الأقربين إليه (أبيه آزر) بلحاظ ما يُمليه عليه الموقف، كما تذكر بعض الخصوصيات الأخرى في هذا المجال.

الثاني: يتناول مسائل المرأة المهاجرة وضرورة تمحيصها، كما يُبيّن أحكاماً أخرى في هذا الصدد.

 

شأن نزولها

النهي عن موالاة المشركين:

جاء في كتب التفسير: إنّ الآيات الأولى من السورة نزلت في حاطب ابن أبي بلتعة، وهو صحابي من المهاجرين، وقد أحسن البلاء يوم بدر، ويتلّخص ما قالوه في سبب النزول: إنّ رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم تجهّز لغزو مكة، ولمّا عَلِم حاطب بذلك كتب إلى قريش يحذرهم، ودفع بكتابه إلى امرأة، فأوحى الله إلى رسوله بخبر حاطب، فبعث في طلب المرأة جماعة من أصحابه، منهم الإمام علي عليه السلام فأدركوها في الطريق، ولمّا سألوها عن الكتاب أنكرته، فصدّقها بعضهم، وكذّبها الإمام عليه السلام وهدّدها بالقتل، فأخرجت الكتاب من ضفائرها، فجاءوا به إلى الرسول صلي الله عليه وآله وسلم فقال لحاطب: من كتب هذا؟ قال: أنا يا رسول الله، فوالله ما كفرتُ منذ أسلمت، ولا غششتُ منذ آمنت، ولكني صانعتُ قريشاً حمايةً لأهلي من شرّهم، وقد علمتُ أنّ الله خاذلهم، فصدّقه الرسول صلي الله عليه وآله وسلم وقَبِل معذرته.

 

امتحان المرأة المهاجرة:

جاء في كتب التفسير: إنّ الآية العاشرة والثانية عشر نزلت بعد صلح الحديبية، وكان في العهد المكتوب بين النبي صلي الله عليه وآله وسلم وبين أهل مكة، أنه إن لَحِق من أهل مكة رجل بالمسلمين ردّوه إليهم، وإن لَحِق من المسلمين رجل لأهل مكة لم يردّوه إليهم، ثم إنّ بعض نساء المشركين أسلمنَ وهاجرنَ إلى المدينة، فجاء زوج إحداهنَّ يستردّها، فسأل النبي صلي الله عليه وآله وسلم أن يردّها إليه، فأجابه النبي أنّ الذي شرطوه في العهد ردّ الرجال دون النساء، ولم يردّها إليهم، وأعطاه ما أنفق عليها من المهر. وأما طريقة وأسلوب امتحانهنَّ، فهو أن يَستحلفنَ أنّ هجرتهنَّ لم تكن إلا من أجل الإسلام، وأنهنَّ لم يَقعنَ سبب لبغض أزواجهنَّ، أو حباً في أرض المدينة وما إلى ذلك.

 

فضيلتها وخواصها

وردت فضائل كثيرة في قراءتها، منها:

عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم: «من قرأ سورة الممتحنة كان له المؤمنون والمؤمنات شُفعاء يوم القيامة».

عن الإمام السجاد عليه السلام: «من قرأ سورة الممتحنة في فرائضه ونوافله امتحن الله قلبه للإيمان ونوّر له بصره، ولا يصيبه فقرٌ أبداً، ولا جنون في بدنه ولا في ولده».

 

ووردت خواص كثيرة، منها:

عن الإمام الصادق عليه السلام: «من بُليَ بالطُّحال وعُسِر عليه، يكتبها ويشربها ثلاث أيام متوالية، يزول عنه الطُّحال بإذن الله تعالى».

المصدر


اكتشاف المزيد من مركز الكوثر الثقافي التعليمي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد