من منا لا يتذكر أيامه الأولى في الدراسة ، وخصوصاً اليوم الأول حيثُ كل شيء غريب وغير مألوف أبتداءً من المكان والاشخاص وحتى الالتزام بسلوكيات معينة غير اللعب والحركة بحرية ، كالجلوس في مكان محدد لفترة معينه تسمى بالدرس..و حيث أن أغلب الأمهات يبقين لفترات متباينة مع أبنائهن في الصف، وأغلب الأبناء لا يتخيّلون أن اليوم يمكن أن يمضي بدون أن تكون الأم بجانبهم كما الأيام العادية حيث لا تمضي ساعة إلّا والطفل يبحث عنها ويتأكد من وجودها بجانبه ليطمئن بذلك قلبه وقلبها.. لكنه الآن لم يعُد طفلا ، أصبح تلميذاً ويجب تقبل هذه الحقيقة كيوم لا بد من قدومه ولو بعد حين ، والعمل على ذلك قبل مدة من الآن أما الآن فهو طالب وعلينا التعامل مع هذه الحقيقة كواقع ، والعمل على ذلك.حببيّه إلى هذا المكان الجديد – المدرسة – وبكل متعلقاتها ، صوريها له على أنها مكان لطيف وجميل فيه المتعة والفائدة وكسب الأصدقاء الجدد والتعامل مع معلمين ومعلمات ينبغي الانصات لهم وسماع كلماتهم وتنفيذها والالتزام بها وكأنها كلمات الأم أو الأب بل أهم ، استمعي له بعد كل عودة ، لا تهملي أبداً أقل تفاصيل حديثه عن يومه وتفاعلي مع كل كلمة وكل تأثير، لا تستمعي وأنتِ معرضة الوجه عنه أو منشغله بأمور أخرى ، كل شيء آخر هو بالتأكيد أقل أهمية من طفلك ، قابليه وجهاً لوجه ولا تستمعي له وحسب بل أنصتي ، ربما تعتبرينها ثرثرة لكنه في الواقع حديث بالغ الأهمية ، احرصي على ذلك وفي اليوم الذي لا يتحدث فيه ، إسأليه أستجوبيه ، عن أصدقائه الجدد ؟ ماذا فعلوا ؟ وكيف لعبوا ؟ هل أحبهم ؟ ما أسماء معلميه ؟ ماهي الدروس التي أخذوها وما الواجبات التي ينبغي تحضيرها ؟؟مع مراعاة عدم فصله كلياً عن عالمه السابق ، عالم المرح واللعب الغير منتهي وأنما الاستفادة من ذلك بمزج عالم اللعب واللهو مع عالم الدراسة والجد ، وربط الدروس بالألعاب المفضلة أو الشخصيات المفضلة ، مثلا ربط الاعداد الرياضية بقطع العاب المكعبات أو الليغو – لعبة تصميم شخصيات تتكون من قطع صغيرة الحجم – وربط مادة القراءة بالقصص ، والمواد العلمية بالحيوانات وأصواتها وصورها وما إلى ذلك من تلك الوسائل التي من شأنها أن تحبب وترغب الطفل في مرحلة أقباله الأول على الدراسة وتجعل منها مرحلة غير منفصلة كليا عن عالمه المألوف ، وغير جامدة وحديّة وإلزامية وصارمة كما يصورها البعض لأبنائهم بالتخويف مرة وبالعقاب مرّة أخرى وبحرمانهم اللعب المعتاد بحجة – أنك لديك دراسة الآن – منذ الأيام الأولى ، لهذا السبب ولأسباب أخرى عديدة تتكوّن ردة الفعل السلبية لدى الطفل وصعوبة تقبل الوضع الجديد وبالتالي عدم تقبل المدرسة بل و كرهها أيضا..لذا نحن بحاجة إلى صرف الوقت والجهد لأبنائنا الجدد على مقاعد الدراسة سواء – أسرة أو مدرسة ، أمهات أو معلمات ، آباء أو معلمين ، فلنحتضنهم ، ولنستمع لهم ، ونشجعهم ، نكتشف مشاكلهم والسعي والتعاون على حلها ، سواء كانت هذه المشاكل في الاستيعاب أو الاندماج مع الاخرين أو قابلية التواصل وغيرها أنهم بذور نضرة مثمرة ومقبله على الحياة ، فلنشارك بإنباتهم النبات الحسن ، ولنغرس لهم أقوى وأمتن الاساسات ، لنفخر بهم عندما يكبروا ، جيلاً واعياً وقادراً ومبدعاً ومعطاءً
حنين كريم
اكتشاف المزيد من مركز الكوثر الثقافي التعليمي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.