الكل فرح باستئناف عامه الدراسي الجديد … إلا هي
تلاميذ الابتدائية فرحين بملابسهم الجديدة ودفاترهم الملونة وأدواتهم المدرسية التي أصبح تجارها يتسابقون على ترويج الأجمل والأحدث، وطلاب الثانوية يتوقون إلى رؤية أصدقائهم بعد أن شحنوا ذاكرتهم خلال العطلة الصيفية بذكرياتهم الجميلة وضحكاتهم اليافعة .
الــكل متحمــس إلا الأمهــات، اللاتــي يشــعرن بثقــل الجبــال علـى صدورهـن وتنتابهـن حالـة مـن الحـزن واليـأس مـع بدايـة كل عـام، فيعمـدن إلـى مواسـاة بعضهـن البعـض، عبـر مواقـع التواصــل الاجتماعــي أو عــن طريــق المكالمــات الهاتفيــة وكأنهـن يقدمـن التعـازي والـورود، أو كأنهـن سـيدخلن معركـة مـع الحيـاة اعتـدن دخولهـا بشـكل قسـري مـع الخـروج منهـا بالنصـر المبيـن لكـن بضريبـة مدفوعـة الثمـن وهـي التفانـي والسـهر حـد الإعيـاء، وعلـى مـدى عـام كامـل لحظـة بلحظـة مـع أبنائهـن، ملتزمـات بواجبهـن منـذ اليـوم الدراسـي الأول وحتـى اســتلام أبناءهــن نتائــج الاختبــارات النهائيــة، وطبعــا خــلال هـذه الفصـول مـن صيفهـا حتـى خريفهـا يعاصـرن تقلبـات مــزاج الأيــام أكثــر مــن الأبنــاء أنفســهم، المعنييــن بالدراســة والجــد رغبــة بصنــع مســتقبل مهنــي ومكانــة اجتماعيــة مرموقــة.
هـذا هـو حـال الأمهـات المعاصـرات بنسـبة لا تقـل عـن ،%95 والسـؤال الـذي يطـرح نفسـه هـا هنا مـا السـبب…؟؟
فبالمقارنــة مــع الماضــي ومــن تجــارب جداتنــا وأمهاتنــا لــم يكــن يوجــد مــا أســميناه اليــوم بــ ( رهــاب العــام الدراســي الجديــد) . لاســيما وإن اســتذكرنا تلاميــذ الأزمنــة المنصرمــة الذيــن اعتمــدوا كليــا علــى المعلــم ومجهودهــم الذاتــي فقــط فــي التوصــل إلــى المعلومــة، خــلال تنقلهــم بيــن المراحــل الدراسـية وصـولا إلـى الجامعـة، بلحـاظ عـدم حصولهـم علـى المــلازم الدراســية والملخصات المتاحــة الان وبكثــرة فــي الأسـواق وبأسـعار مناسـبة، وعـدم هيمنـة الانترنـت الـذي يقـدم لهـم المعلومـة بكبسـة زر واحـدة، ولـم يتوفـر أيضـا أنـذاك هـذا الكـم الهائـل مـن الفيديوهـات التعليميـة الرائجـة والمعروضـة بشـكل مجانـي علـى قنـوات اليوتيـوب، ناهيـك عـن المدرسـين الخصوصيـن، وحتـى الأمهـات لـم تكـن بالأمـس بهـذا القـدر مـن الوعـي والثقافـة رغـم فطرتهـن المثاليـة علـى التربيـة، كل هـذا وأكثـر يعـد فارقـا ً مهـولا بيـن أجيـال الماضـي والحاضـر.
الأم تلميذة
تلميـذ اليـوم يعتمـد علـى والدتـه بشـكل كلـي فـي تحضيـر واجباتــه اليوميــة واختباراتــه رغــم كل التســهيات المتاحــة، لدرجــة أنــك تجــد الأمهــات قــد حفظــن المناهــج الدراســية عــن ظهــر قلــب، لاســيما وأن هــذا الاتــكال التــام لا يقتصــر علـى المراحـل الابتدائيـة فقـط، وإنمـا يصبـح متلازمتـه حتـى الجامعـة، والنتيجـة هـي تفـوق الأبنـاء وحصولهـم علـى أعلـى العلامــات علــى حســاب الأم التــي تتخلــى عــن علاقاتهــا الاجتماعيـة وتلغـي واجباتهـا اليوميـة وتعتـذر عـن أي أعمـال ومهــام إلا التفــرغ للتلقيــن والشــرح، وبالتأكيــد يمــر كل ذلــك علــى حســاب صحتهــا وراحتهــا، هــذا إن كانــت أمــا لطفــل واحــد فمــا بالــك بأكثــر.
خلق الاجواء
مـن الجيـد متابعـة الأبنـاء فـي عامهـم الدراسـي الأول ووضـع أقدامهــم علــى بدايــة الطريــق، ولكــن الاســتمرار بهــذا العمــل يفقــد الأم طاقتهــا ويجعــل مــن الابــن انســانا” اتكاليــا” ..فالانســحاب تدريجيــا مــن تلقيــن المناهــج الدراســية للأبنــاء وتحفيزهــم وغــرس الثقــة بهــم بكلمــات التشــجيع والثنــاء، وإشــعارهم بأهميــة الدراســة بتوفيــر الأجــواء المائمــة، ومسـاعدتهم بيـن الحيـن والآخـر علـى فهـم معلومـة مـا، هـي
الوســيلة الناجحــة لذلــك. وتخصيــص أوقاتــا مناســبة لخلــق اجــواء اجتماعيــة وحميميــة بينـك وبينهـم، كمشـاركتهم فـي جلسـة شـرب الشـاي وتبـادل الأحاديــث الممتعــة بيــن حيــن وآخــر خــال اليــوم الدراســي الواحـد، لتخفيـف الضغـط الناتـج عـن الدراسـة وكثـرة الواجبات وأيضـا لشـحنهم بالطاقـة الإيجابيـة الملـئ بالـود والحنـو.
نغم المسلماني
اكتشاف المزيد من مركز الكوثر الثقافي التعليمي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.