“الترفيه، وسيلة مؤثرة لتنمية القوى الجسمية والفكرية والاخلاقية للاشخاص والعامل الافضل لمنع الانحراف والجريمة. فالرياضة والتسلية ليست لهواً فحسب بل هي بمثابة عامل لتأمين السلامة الجسمية والاجتماعية. ويعد توسيع الامكانيات للنشاط الترفيهي اليوم بمنزلة احدى الوظائف الاساسية لكل مجتمع”(1).
“يقول الدكتور كارل: إن الاشباع الوحشي للشهوات قد يكتسب نوعاً من الاهمية، ولكن ليس هناك شيء ابعد منطقاً عن تلك الحياة. فلو اقتصرت الحياة على الرقص والتجوال بالسيارة حول المدينة والذهاب إلى السينما وسماع المذياع فما هي فائدة ذلك؟ فإذا لم تتضمن التسلية منافع معينة فإن الفرص التي حصل عليها العمال بأثر تكامل الآلة وحسن اعداد الانتاج ستذهب ادراج الرياح عبثاً .
اثمرت المتاعب عن اضافة اربع ساعات على الاقل في اليوم إلى فترة الحياة، بمعنى لو استثمر أي شخص الوقت الثمين بحكمة وعقل فيمكنه حينئذ من التعلّم وتقوية جسمه وروحه وكسب شخصيته والقيام بمسؤوليته الإنسانية. يقضي الكثير من العمّال الشباب ثلاث أو اربع ليالي في الاسبوع في السينما وقاعات الموسيقى والمراقص، ويملأون بقية اوقاتهم الحرة يومياً بمطالعة الروايات الثرثارة القليلة الفائدة. والاصغاء إلى اكاذيب المذياع هو وسيلة اخرى لضياع العمر، فالمذياع كالسينما وصالة العزف الموسيقي يدب ضعفاً كاملاً في من يتسلى به”(2).
فمن اجل أن ينتفع الشاب من ساعات فراغه على النحو الافضل ويقضّيها في النشاطات المفيدة، نشير فيما يلي إلى بعض انواع التسلية الصحيحة والممتعة التي نصح بها الإسلام واهتم بها العالم المعاصر أيضاً، عسى أن يتسلى بها الشباب في اوقات الفراغ وينتفع من نتائجها جسمياً ونفسيّاً .
السفر والسياحة
من انواع التسلية المريحة التي تبعث نشاطاً خاصاً في الإنسان وتترك اثاراً كبيرة في تحسين الوضع الجسمي وتنمية الفكر هو السفر. واعتبر الدين الإسلامي السفر واحداً من وسائل الترفيه التي تجلب للإنسان اللذة، وخصصت لها الاحاديث الشريفة الواردة عن الرسول(صلى الله عليه وآله) وائمة اهل البيت اهتماماً كبيراً شريطة أن لا يكون السفر للمعصية وللقيام بما هو غير مشروع وكسب اللذات المحرمة.
في وصية النبي(صلى الله عليه وآله) لعلي(عليه السلام) قال: “يا عليّ لا ينبغي للرّجل العاقل ان يكون ظاعناً الاّ في ثلاثٍ مرمّةٍ لمعاشٍ أو تزوُّد لمعادٍ او لذة في غير محرّمٍ”(3).
النوع الاول والثاني من السفر في هذا الحديث الشريف ليس سفراً ترفيهياً أي هما خارجان عن موضوع بحثنا هذا، لان المجموعة الاولى تسافر للمعاش وتأمين حياتها وهو في الحقيقة سفر للقيام بالواجب في ساعات العمل، والمجموعة الثانية تسافر أيضاً لاداء واجب ديني أو تكليف معنوي وهو ليس سفر ترفيه وسياحة، ويبقى النوع الثالث من السفر الذي يختص بالتسلية والترفيه وهو ما يتم في اوقات الفراغ ومن اجل نيل اللذات المباحة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ علم الإجتماع : 303 .
2 ـ منهج الحياة وتقاليدها : 17 .
3 ـ وسائل الشيعة 3: 177 .
اكتشاف المزيد من مركز الكوثر الثقافي التعليمي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.