التشتت بين المهم والأهم!

0
44
التشتت بين المهم والأهم!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ….

انا امرأة متزوجة أبلغ من العمر 27 سنة انقلبت حياتي رأساً على عقب ، كنت قبل الزواج ادرس الهندسة وانهي في كل اسبوع قراءة كتاب وانشغل بنشاطات خيرية كثيرة وأتواصل اجتماعياً مع الاقارب وأساعد كل من يحتاج إلي فأنا متواجدة في كل مكان يطلبونني فيه .

لكن بعد أن انجبت طفلين الاول بعمر سنتين والثاني بعمر أربعة أشهر أصبحت لا اخرج من المنزل إلا نادرا ومن الباب إلى الباب ولم أقدم مساعدة لكل من يحتاج إليها ، تعبت من الفوضى والانشغال المستمر حتى ان علاقتي بزوجي توترت بسبب الحالة النفسية التي اعيشها اريد ان احقق ذاتي بمساعدة الناس اريد ان اخرج من القوقعة التي اعيش فيها والروتين الذي يتكرر يوماً بعد آخر .

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

أختي العزيزة …

ان لكل مرحلة من مراحل العمر أدوار ولكل دور متطلبات وأولويات فدور الأم يختلف عن دور الفتاة التي ليست لديها إلا مسؤولية نفسها وما دمت قد اخترت دور الزوجة والأم بموافقتك على الزواج فعليك تحمل متطلبات هذا الدور من الاهتمام بالزوج والأطفال .

وللأسف فإن كثير من النساء في مجتمعنا الحالي باتت تشعر أن العمل استثمار لطاقاتهن العلمية وقدراتهن العملية مما يجعلهن يشعرن بقيمة الحياة ويتمتعن بأوقاتهن وللحصول على السعادة والاستقلالية ، لكن تحقيق الذات في أهم الأولويات التي تعيشينها والتي هي القيام بمهام الزوجة والأم على احسن وجه ثم التفكير بالأعمال الثانوية ان استطعت التوفيق بينها وبين المهام الاساسية ، وان كان بالشيء اليسير بمساعدة الاخرين ولو بكلمة واحدة ومن الممكن ان تؤدي دورا كبيرا من داخل منزلك ، وقراءة الكتب قبل ان تخلدي للنوم وبعد نوم الأطفال .

ويجب عليك التوكل على الله في كل عمل وان تكون النية خالصة لوجهه الكريم في ان تسعي لمرضاته قبل ان ترضي الاخرين او نفسك . وإن لكل عمل إثابة ففي قوله تعالى ((فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى …)) سورة آل عمران / آية 195 . وقد أكد الاسلام على الزواج ووضع لدور الزوجة الصالحة والمربية الفاضلة اجراً يعادل اجر الجهاد في سبيل الله ، ورعاية هذا الدور عند المرأة مهم  لأنه لا يمكن تعويضه أو المساس به ، و هو من الاهداف الرئيسية في برامج المجتمع ولا يفرط به لان التفريط به يؤدي إلى دمار المجتمع وتفككه وفقدانه الطمأنينة والسعادة والتي لا تعوضها زيادة الإنتاج .

وهذا يوازي دراستك واعمالك الخيرية فعليك الاطمئنان انك لن تكوني انسانة فارغة لم تحقق ذاتها بل بالعكس قد نجحت في أعظم اختبار لتحقيق الذات وهو انشاء عائلة صالحة ، فالتغيير الذي تريدين ان تحدثيه في المجتمع يجب يبدأ من داخلك ومن بيتك ففي قوله تعالى (( قو انفسكم واهليكم ناراً …. )) توجيه على البدء بالنفس قبل الأهل  فليس من الصحيح ان تساعدي الآخرين على تغيير حياتهم وتفشلين في حياتك لأن الإصلاح يبدأ من الداخل والتأثير على الآخرين بالسلوك وليس بالكلام فمن الممكن ان تساعدي الآخرين بالسلوك الذي تقومين به .

ثم أن عليك أن تهدئي لأن الأطفال يتأثرون نفسياً بالتوتر الذي تعانيه فأطفالك في هذا العمر لا يعرفون في هذه الدنيا إلا مشاعر الأم وتفاعلها معهم لتأثرهم وخصوصاً في السنين الأولى من حياتهم بالظروف البيئية ولتواجد الأم في البيت وحسن رعايتها للطفل الأثر الكبير في السلامة النفسية والجسدية له وأهمية ذلك في تأمين الاستقرار النفسي والاجتماعي ، ومن هذا الجانب تبرز أهمية تأثير عملك ، وبالتالي غيابك لفترة عن البيت على نمو الأطفال ورشدهم الذهني ومستقبلهم الشخصي ، لذلك يجب أن تجعليهم يشعرون بالأمن النفسي الذي تعيشيه , بإحساسك الداخلي أنهم سبب سعادتك في هذه الحياة فالقناعة العقلية تختلف عن الإحساس القلبي فإن قلت ان اطفالي بحاجة إلى رعاية لكن هذا الامر مفروض علي سيكون امراً غير مرغوب وستشعرين بالضيق عند الاهتمام بهم ، ولكن ان احسست ان واجبك ورسالتك في الحياة هي النجاح في تكوين الاسرة المثالية ستحبين هذه العائلة وستكون لديك ارادة وتستطيعين انهاء اعمالك وتنظيم وقتك لأنك ان احببت الاطفال ستستمتعين باللعب لأنك تلعبين بكل مشاعر الحب معهم وكأنك طفلة تستمتع باللعب ونتيجتها ستشعرين بالراحة النفسية عند انجاز المهام المنزلية وفكري في أن تجعلي من منزلك جنة داخل المجتمع .

وكلما ازدادت الضغوط على الإنسان يجب ان يكون قادر على مواجهتها بقوة وصلابة لأنها العنصر المجدد للطاقة الإنسانية و للحياة الابداعية ولا يمكن ان يعيش الإنسان وتستمر حياته دون ان يواجه الصعوبات فالإنسان الناجح هو الإنسان القادر على تخطي المشاكل التي تواجهه والنجاح في التعامل معها ، ويمكنك عند الإحساس بالضيق أن تقرأي أو تسمعي القرآن الكريم أو الأدعية أو أن تزوري الأضرحة المقدسة وتعيشي بفترة صفاء روحي وتتخلصي من الفوضى وترتاحي لفترة ثم تعودي لتمارسي حياتك الطبيعية .

دعائنا لك بالتوفيق  لكل خير ولعيش حياة سعيدة في ظل الاسرة الصالحة .

المصدر


اكتشاف المزيد من مركز الكوثر الثقافي التعليمي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد