من يقرأ العنوان سيعترض للوهلة الأولى على استخدام كلمة برمجة مع الطفل.. على اعتبار أن الطفل كائن حي وليس جهاز تقني يمكن التعامل معه بهذه المصطلحات!
لكن هنا أنا أعني البرمجة الأسرية وأصر عليها في بناء شخصية الطفل, فكثيراً منا لا ينتبه لقدرات الطفل على التركيز لما يدور حوله وتسجيل كل المواقف والانطباعات في ذاكرته.. وتأديتها تباعاً في مواقف مشابهة لعدم استكمال إدراكه, وتمييزه لفرق العمر وخطأ تقليد الكبار في تصرفاتهم.
وعليه فإن الطفل غير مُلام على سوء برمجته؛ فمجمل تصرفاته وسلوكياته هي نتائج طبيعية عن ممارسات وسلوكيات يقوم بها الكبار أمامه, ووفق هذا الأمر ثمة مجموعة من الخطوات الواجب الالتزام بها لحماية الطفل من أي تداعيات سلبية على شخصيته وهو في مرحلة التأسيس:
1- احترام وجود الطفل ككيان مستقل منذ الشهور الأولى من عمره وعدم التعامل معه بلا مبالاة وتأجيل ذلك لحين استكمال قدراته الإدراكية.
2- احترام مشاعره بعدم تجريحه بالكلمات أو الصوت العالي أو الضرب ولو على سبيل المزاح والملاطفة لكي لا يعتاد هذه الطريقة في التعامل مع عائلته لاحقاً.. وهذا لا يعني التجاوز عن أخطائه دون محاسبة لكن يجب أن تكون العقوبة متلائمة مع عمره كأن تكون النظر إليه لمدة قصيرة دون ابتسامة مما يشعره بوجود خطأ في تصرفه حيث سيسجل دماغه ذلك, ويذكره في المرات القادمة عن ردة فعل والديه حول تصرف ما.
3- إذا أردته أن ينام فهيأ له أجواء النوم وحاول أن تشعره بحاجتك للنوم أيضاً دون إجباره على ذلك وسط جو عام غير مريح ولا يوحي للسكون, وإذا أردته أن يأكل طعام معين أحرص على تناوله أمامه بتعابير تشير لاستمتاعك به.. فهذا من شأنه تعزيز رغبته في الاكتشاف.
4- أحرص على إبعاده عن سماع الألفاظ غير اللائقة, والمشاهد المرعبة والمخيفة, والمناظر الخادشة للحياء, ولا تسمح في تواجده في مكان يحتوي على حوارات بين اشخاص مشحونة بالغضب والتعصب.
5- عامله بحب مفرط عن وعانقه بين مدة وأخرى وقبله وحاول أن توضح له قيمة وجوده في احضانك فإن ذلك ما سيقوم به معك مستقبلا.
6- ناقشه في رغباته فيما يخص الالعاب الخطرة أو غير المناسبة لعمره ولا ترفض بشكل قطعي دون مبررات.
7- تكلم عنه بإيجابية أمام الآخرين, وبين له فيما بعد اهمية الاحتفاظ بالخصوصيات وأي أمور تحدث داخل البيت وذكره إنك حافظت على أسرار شقاوته وبعض تصرفاته الطائشة.
8- ساعده على فهم ذاته من خلال حوارات مع الكبار أمامه بأسلوب مفهوم وواضح مما يساعده على تنمية قدراته التأملية والتفكير بشكل بعيد عن الخيال والأساطير.
إيمان كاظم
اكتشاف المزيد من مركز الكوثر الثقافي التعليمي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.