رفقا بقلوبهم البريئة …
يتعرض الكثير من الأطفال إلى ضغوط نفسية مباشرة وغير مباشرة تسبب لهم حالة انزعاج وتوتر وشعور بانكسار , وتلك الضغوط تكون على شكل عبارات تصف ملامح الطفل أو تقحمه في مقارنة مع أحد أخوته أو حتى استغراب من عدم تشابه ملامحه الوجهية للأم أو الأب . وللأسف لا يكترث الكثيرين لمشاعر الطفل بل لا يلتفتون لها أصلا ؛ وكأن الطفل ملزم بأن يتقبل انتقادهم أو تقييمهم لشكله الذي هو غير مسؤول عنه , وغالبا ما يعبر الطفل عن استياءه بصمت وقد تتراكم داخله جملة من المشاعر السلبية التي تقوده فيما بعد للإصابة بعقدة نفسية ,أو يشعر بنقمة على ملامحه ولا يتقبل نفسه فيلجأ إلى تصرفات تثير انتباه الآخرين له كرد فعل انعكاسي على رفضه لما يدور حوله
من الجدير بالذكر أن غالبية الأشخاص الذين يقدمون على جرح مشاعر الطفل يكون لديهم تصور أن الطفل لا ينتبه لهذه الأمور أو لا يفهم معنى الانتقاد أو السخرية وربما لا يتوقف عند تلك الأمور لأنه طفل ينسى بسرعة ولكن ! هذا التصور مرفوض لأن الطفل يتعامل بمشاعره أكثر من الشخص البالغ , وإحساسه بالكلمة عال جدا لأن تفسيرات العقل و تحليل الأمور بالنسبة له تكون غير ممكنة ؛ ولذا يعتمد على ملامح الوجه وتأثير الكلام للتفاعل والاندماج مع الآخرين كما أنه يتفاعل حسيا مع كل كلمة موجه له بالمباشر أو يسمعها عنه بطريقة غير مباشرة , ومن الملفت والغريب في هذا الخصوص أن يتعرض هذا الطفل لهكذا نوع من الضغط النفسي والانتقاد من أحد والديه أو المقربين فيكون وقع الكلام أشد تأثيرا وأكثر إيلاما مما يسبب لدى الطفل نزعة لنبذ نفسه والغيرة من بقية أخوته الذين لا يتعرضون لما يتعرض له وينمي عنده سلوك عدائي يتلخص بكلمات هجومية وربما عنف في تصرفاته في حال رغبته للحصول على شيء ما أو لمجرد لفت النظر .
ومن هذا المنطلق فأن على كل شخص يرغب بإبداء رأيه أن يراعي شعور الطفل وأن يكون على يقين بأن كل كلمة تقال أمامه سواء كانت مؤلمة أم لا فهي ستحرك وتثير مشاعره سلبا أو إيجابا , والأفضل أن يقتنع الآخرون بأن مسألة جمال الملامح وشبه الطفل لوالديه مسألة غير وارد التعبير عنها وإبداء الرأي فيها لأنها بالتالي من تدبير الخالق وصنعه ولا ينبغي الاعتراض والتدقيق في خلقه للبشر على أي صورة وبأي ملامح أو بأي لون بشرة فكل هذا لحكمة لا يعلمها سواه جل شأنه .
علم نفس الطفل تناول هذه المشكلة بكثير من البحوث والدراسات حول تأثير تعامل المقربين أو الغرباء مع الطفل وارتباطه الوثيق بنمو وتطور شخصية الإنسان كون أن شخصية الفرد تتكون في مراحل مبكرة ومن المهم أن يهيأ الجو المناسب الذي يعزز ثقة الطفل بنفسه ويبعده عن المقارنة مع أقرانه والإشارة له برسائل ناعمة بأن لكل شخص شيء يميزه ويعبر عنه , وأن الجمال ينبع من الداخل ومحبة الآخرين لا تعتمد على ملامح الوجه بل على التعامل الطيب والاحترام وهذه الرسائل ربما من الضروري أن توجه للكثير من الكبار ممن غفلوا عن أساسيات التعامل مع الطفل ومراعاة نفسيته والرفق بإحساسه وعدم جرح مشاعره لأي سبب كان حتى لو كان لغرض التأديب أو التوجيه .
إيمان كاظم الحجيمي
اكتشاف المزيد من مركز الكوثر الثقافي التعليمي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.