صبيان في مسيرة الاربعين

0
61

عائلاتهم نقشت حب الحسين في قلوبهم

القضية الحسينية كالجوهرة متعددة الوجوه ففي كل ركن منها قصة وحكاية، وفي جميع مشاهدها دور للبشرية، فكما نرى الرجال والنساء والشيوخ وابناء المدينة والريف والبادية والجبال والاهوار ومن العراق ودول اخرى، نرى الصبية ممن لم يبلغوا الحلم يشاركون بأعداد غفيرة في مسيرة الاربعين، وكما كان لهم دور في واقعة الطف ومسيرتها المحزنة من العراق الى الشام وبالعكس، كان لمجاميع من الصبية بصمة في تلك الزيارة.

من الضياع الى الهدف

دأب على السير منذ نعومة اظفاره، لكنه كان لا يفكر في القضيةالحسينية  بشكل صحيح، وبعد سنوات أثر به الحسين وتغير حاله الى شخص يفكر كيف ينصره لانه طالب وامكانياته محدودة لا يملك الا احياء الشعائر واولها زيارة الاربعين، وتحسن وضع احمد الدراسي وصارت مسيرة الاربعين في فكرة هدف فيه نصرة الحسين سنويا، هذا حال احمد عماد عبد العال ذي الاربعة عشر عاما عندما كان متكاسل في دراسته وفوضوي في حياته يعيش في حالة شبه الضياع.

 وحصل التغيير في حياته عندما سلك طريق الحسين (عليه السلام)
 وسار من الناصرية باتجاه كربلاء لاول مرة قبل ثلاث سنوات مع اهله فصلى الفجر وهي المرة الاولى التي ينهض بها لصلاة الفجر فتحرك في داخله اكثر من سؤال ابرزها لماذا انا مهمل للصلاة وتاركها في بعض الاحيان؟، شعر بالتعب بعد عشر كيلومترات من سيره فوجد الف مكان للجلوس والراحة، احس بالجوع فتلاقفته الايادي لتطعمه وتخدمه وتسقيه ماء وشايا وعصيرا، قضى يومه الى العصر يسير مع عائلته فقرروا المبيت فتزاحم الخدام لاستضافتهم فباتوا في بيت احد الفلاحين الذي كان ورغم شيبته الوقورة كأنه خادما مطيعا يحضر الحمام ويقف ماسكا منشفه ويضع الطعام ويرفعه بعد الانتهاء فيضع الشاي وكلمات الاعتذار منه عن التقصير تخجلنا، فتردد صدى سؤال كبير في ذهني، لماذا يتفاني كل هؤلاء الناس لخدمة الحسين؟..

ومنها فكرت كثيرا في القضية وعرفت ان لكل منا دورا ينصر فيه الحسين فنحن سائرون وغيرنا خادمون وغيرهم حراس ومدافعون وهكذا حتى تيقنت اني يجب ان اغير مسيرة حياتي وطريقة عيشي لاكون حسينيا بصدق وها انا اسعى لهذا الهدف.

قبة ابي الاحرار

حمل حسن علوان سني عمره الانثى عشر ماشيا من الغراف منذ سنتين باتجاه كربلاء المقدسة!

تأثر بابن عمه الذي يكبره سنا وكان يسير قبله في الاربعينية، فسأله كيف نتحمل السير لمئات الكيلومترات؟ وكيف نبيت في الخيم؟ فاجابني الحسين ويانه وراح تشوف نفسك ولا تحس بشي، فقرر الالتحاق بالمسيرة الحسينية، مشددا كثيرا ما اذهب معي عائلتي لزيارة قبر الحسين بالسيارات ولكن عندما وصلت كربلاء سيرا على الاقدام وشاهدت قبة ابي الاحرار كأني اشاهدها لاول مرة وتملكتني نوبة من البكاء وعاهدت الحسين عليه السلام على نصرة قضيته العادلة ما احياني الله.

برعم سائر

الطفل الصغير علي ثائر الذي بلغ الثامنة من عمره صاحب ابويه في السير الذين اكدا انهم يصطحبونه معهم منذ كان عمره ثلاث سنوات ويضعونه في عربة صغيرة، ويؤكد والده انه ربى ابنائه على طاعة اهل البيت وحب الحسين عليه السلام فإخوته الاربعة يسيرون الان امامنا ويسبقون العائلة.

 ورغم صغر سنة الا انه يعرف معلومات كثيرة عن قضية الحسين، فيقول انا احب الحسين لانه على الحق ويحب الخير للناس وهو ابن فاطمة الزهراء، وعندما ارى امي وأبي يبكون على الحسين ويشاركون في الشعائر والمسير اشاركهم وافرح كثيرا عندما يصطحبوني معهم في احياء كل الشعائر الحسينية، واعرف ان الحسين عليه السلام يريدنا ان نكون ناجحين في الدراسة وانا متفوق في دراستي وسابقى كذلك.

التحدي الاول

سار مقتدى منشد مزيعل ( 12عاما) من ناحية سيد دخيل واحمد علي سلمان (13 عاما) وحسين سعد منشد ( 11 عاما) من منطقة البدو سوية لاول مرة بدون مصاحبة ذويهم، فاستوقفناهم وسألناهم  كيف تيسرون وحدكم الا تخافون؟

أجابوا انهم كانوا يمشون مع اهلهم، وشعروا بالتعب والاعياء وشعروا لاوقات محددة انهم لن يستطيعوا اكمال السير لكن تشجيع الاهل ساهم في شحذ الهمة وتسجيل اسمائهم في سجل الزائرين، مقتدى يؤكد انهم تناقشوا فيما بينهم على ضرورة السير بمفردهم وعدم الاعتماد على الاهل، وبعد الاتفاق استأذنوا من اهلهم الذين شجعوهم على تلك الفكرة، فساروا من ذي قار قاصدين كربلاء وكلهم عزم على اكمال المسير ونصرة الإمام الحسين عليه السلام، بينما اوجز احمد مسيرتهم بالقول اردنا ان نشعر بما شعر به الاطفال في مسيرة السبايا من خوف وتعب وعناء، ونحن صغار السن لكن نريد ان نثبت بأن انصار الحسين وعياله لا ينقطع صوتهم ابدا، وعلى نفس الوتيرة يشير حسين الى انهم اصبحوا رجالا بعزمهم واستعدادهم للتضحية وما انفرادهم بالسير الى مدينة الفداء كربلاء المقدسة دون الاعتماد على الكبار الا مصداق للعشق الحسيني من كل الاعمار.

قاسم الحلفي

المصدر


اكتشاف المزيد من مركز الكوثر الثقافي التعليمي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد