هي هدية توضح وتكشف لنا عن مدى العلاقة القائمة بين الهادي والمُهدى إليه .
وقيمة الهدية وخصائصها كفيلة ببيان ذلك كله ..
ومن الخصائص التي انفردت بها هذه الهدية هي:
أولاً : ان الهادي لهذه الهدية هو الله سبحانه وتعالى خالق الخلق {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}سورة الحشر:24
فالهادي هو الله سبحانه وتعالى الذي أحسن كل شئِِ خلقه وعظمةِ الهادي تكشف لنا عن عظمة الهدية وكمالها وعلو شأنِها لأنها صُنعِتْ بيد الله تعالى (بقدرة الله)صنعت بعناية الله تعالى صناعة خاصه(1) تختلفُ عن غيرها من المخلوقات تختلف عن الملائكةِ بمراتبهم. فهذه الهدية السماوية تختلف عن سائر المخلوقات تختلفُ من حيثُ الكمال والعصمة وعطرعا والحُجّية فهي حجة الحُجج . وكل شئِِ فيها يختلف .
أما عطرها فهي تختلفُ عن عطر الأنبياء و الحور العين و الملائكة لإن عطر الأنبياء هو عطر السفرجل وعطر الـحور العين هو عطر الآس وعطر الـملائكة هو عطر الورد(2) (والورد في لغة العرب هو الورد الأحمر).
وعطر هدية الله تعالى تختلف عن سائر هذه العطور لأنها جمعت كل هذه العطور وزادت عليهنَّ لأنها أشتملت على السفرجل والآس والورد والتفاح(3) وعطر المسك. فهي مجمع الروائح ولذلك من أسماء هذه الهديةُ الألهية هي (الزهرة) والزهرة في كلامِ العرب (( الثمرة الناضجه في كل شجرة )).
وأما ميزتُها من حيثُ الحُجّية فقد ورد عن إمامنا العسكري صلوات الله عليهم “«نحن حجج الله على خلقهِ وجدتنا فاطمة حجة علينا»فهي صلوات الله عليها حُجة الحجج.
وهذا ما امتازت به هذه الهدية المباركه الألهيه .
والأمر الثاني :الذي أمتازت به أنها أُهديتْ الى نبيِِ من أنبياء الله ألا وهو النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وهذه الهدية العظيمة التي أشرنا إلى شيء من خصائصها إضافة إلى كونها أُهديت للنبي صلى الله عليه وآله وهي تكشف عن عظمة المهداة إليه وعن مدى علاقته بالله عز وجل ..وأنها مَيزته صلى الله عليه وآله عن سائر الأنبياء وأراد الله تعالى ان يرضيه بها .
حيثُ قال عز من قائل {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} اي مع كون الله تعالى راضِِ عن هذا النبي العظيم ومع ذلك يُريد ان يعطيه هدية حتى يصل إلى مقامِِ الرضا الإلهي.
ماذا اعطاه؟
قال عز من قائل { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ } وعبارة «أعطيناك» تعني هبة اللّه سبحانه لنبيّه هذا الكوثر وهي فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها، مفطومة من زلل الأهواءِ، معصومةٌ من وصمة الأخطاءِ.
ففاطمة الزهراء (عليها السلام )من صلب خاتم النّبيّين وأشرف خلق الله أجمعين محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله ) فهي خير أهل الأرض عنصراً ، وأشرف بعد أبيها وبعلها مقاماً، وأكرم منزلاً.
فهي مشكاة نــور الله جـلّ جلالــه و زيتونة عـمّ الورى بـركـاتهـا هي قطب دائــرة الوجود ونقطة لمّــا تنزّلت أكثـركثراتــها، هي أحمد الثانـي وأحمد عصرها، هي عنصر التوحيد في عرصاتها
فاطمـةً خيــرَ نســاء البشـر ومن لها وجـــه كوجـه القمـرِ
فضـّلك الله علــى كـلّ الورى بفضل من خــصّ بـآيّ الزمـرِ
زوّجــك الله فــتىً فاضــلاً أعني عليّــاً خير من في الحضرِ
ولذلك جاء في أمالي شيخنا المفيد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله )
(فاطمة بضعة منّي، مَنْ سرّها فقد سرّني، ومن ساءها فقد ساءني، فاطمة أعز البرية عليّ) لأنها عطية الله تعالى وهديته.
الكاتب / ميثم نوري العتابي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): (نَحنُ صَنایِعُ رَبِنا و الخَلقُ بعدُ صَنایِعُنا)
(2): قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ” إن رائحة الأنبياء هي رائحة السفرجل ورائحة الآس هي رائحة الحور العين ورائحة الورد هي رائحة الملائكة ولابنتي فاطمة رائحة السفرجل والورد والآس”
وفي روايةِِ لرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول “كنت أشم من ابنتي فاطمة رائحة السفرجل”
(3): في زيارة السيدة الزهراء عليها السلام ” السلام عليك يا حليفة الورع والزهد وتفاحة الفردوس” والفردوس درجة عليا من درجات الجنة
اكتشاف المزيد من مركز الكوثر الثقافي التعليمي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.