هل هذه من ألقاب الرضا (ع)

0
30







هل هذه من ألقاب الرضا (ع)؟

المسألة:

كثيراً ما يوصف الإمام الرضا (ع) عند الخطباء بشمس الشموس، وأنيس النفوس، وغريب الغرباء، والسلطان، فهل هي من ألقاب الإمام الرضا (ع)؟

الجواب:

شمس الشموس وأنيس النفوس وغريب الغرباء لم نجدها في ألقاب الإمام المأثورة كما لم نجدها في ألقابه التي ذكرها المؤرخون وكتب السير والتراجم رغم أنَّهم ذكروا له ألقاباً عدة مثل الرضا والصابر والولي والزكي والفاضل وسراج الله والوفي والصدِّيق وغيرها.

فالظاهر انَّ هذه النعوت توصيفات جرت على ألسنة أهل الولاية في مقام المدح والثناء على المقام السامي للإمام الرضا (ع) وليست هي ألقاباً للإمام (ع).

نعم وجدنا في كتاب المصباح للكفعمي (رحمه الله تعالى) توصيفًا للإمام الرضا (ع) -في خطبة العيدين-: “بشمس الشموس وأنيس النفوس”، حيث ذكر فيما ذكر من خطبة العيدين: “اللهم وصلِّ على الإمام المعصوم والسيد المظلوم والشهيد المسموم والبدر بين النجوم شمس الشموس وأُنس النفوس المدفون بأرض طوس الرضا المرتضى..”(1).

وأما التوصيف (بغريب الغرباء) فلم نجد له ذكراً أيضاً في الروايات ولا في الزيارات المخصَّصة للإمام الرضا (ع)، نعم وصفت بعضُ الزيارات الإمامَ الحسين (ع) بغريب الغرباء إلا انَّه لا مانع من نعت الإمام الرضا (ع) بغريب الغرباء نظرًا لكون استشهاده ومدفنه في كان دار الغربة، فهو الإمام الوحيد الذي دُفن في غير بلاد العرب، ولذلك ورد في الروايات نعته بالغريب وبأنه بعيد الدار والمزار.

فمِّما ورد في ذلك ما رواه الشيخ جعفر بن قولوية في كتابه كامل الزيارات بسنده عن إبراهيم النهاوندي قال: قال أبو الحسن الرضا (ع): “مَن زارني على بُعد داري وشطون مزاري أتيتُه يوم القيامة في ثلاثة مواطن حتى أُخلِّصه من أهوالها: اذا تطايرت الكتب يمينًا وشمالاً، وعند الصراط، وعند الميزان”(2).

ومنها: ما رواه الصدوق في عيون الأخبار بسنده عن الهروي قال (ع): “.. فمن زارني في غربتي وجبت له زيارتي يوم القيامة ..”(3).

ومنها: ما رواه الصدوق في الأمالي بسنده عن عبدالله بن الفضل، قال: كنت عند أبي عبدالله (ع) فدخل عليه رجل من أهل طوس، فقال له: يا ابن رسول الله (ص) ما لمَن زار قبر أبي عبدالله الحسين، فقال (ع): “يا طوسي.. غَفَر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر…”، قال: فدخل موسى بن جعفر (ع) فقال الإمام الصادق (ع): “يا طوسي، إنَّه الإمامُ والخليفةُ والحجةُ بعدي وانَّه سيخرج من صلبه رجل يكون رضاً لله عزَّ وجل في سمائه ولعباده في أرضه، يُقتل في أرضكم بالسُّم ظلمًأ وعدوانًا، ويُدفن بها غريبًا، ألا فمن زاره في غربته، وهو يعلم انَّه إمام بعد أبيه مفترض الطاعة من الله عزَّ وجل، كان كمن زار رسول الله (ص)”(4).

والروايات في ذلك كثيرة.

وأما نعت الإمام (ع) بالسلطان فقد نعته بذلك بعض علمائنا رضوان الله عليهم، والمقصود من هذا النعت انَّه أمام مفترض الطاعة على الثقلين الأنس والجن كما هو الشأن في سائر أئمة أهل البيت (ع) فهم خلفاء الرسول الكريم (ص) وهو قد بُعث للثقلين الأنس والجن، فخلفاؤه أئمةٌ للثقلين كما هو ثابت عندنا بالضرورة المذهبية. فالمراد من انَّ الإمام الرضا (ع) سلطان هو انَّه إمام الأنس والجن، افتَرضَ الله تعالى طاعته عليهم جميعًا وجعله طريقًا لهدايتهم، فهو سلطان الأنس والجن كما نعته بذلك علماؤنا رضوان الله تعالى عليهم.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور



المصدر


اكتشاف المزيد من مركز الكوثر الثقافي التعليمي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد