شهر محرم

الإمام جعفر الصادق (ع) وشهر المحرم

الإمام جعفر الصادق (ع) وشهر المحرم

يقول الإمام الصادق (ع) كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يُرى ضاحكا، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى تمضي عشرة أيام منه فإذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبة وكائه ويقول هو اليوم الذي قتل فيه الحسين.
وكان (ع) يطلب من الشعراء أن يرثوا الحسين بما جادت به قرائحهم،

وكان يأمرهم أن ينشدوا بصوت حزين، فإذا حضر الراثي ضرب لعياله سترا، وأجلسهم خلفه، وكان الإمام الصادق (ع) يشجع الشعراء على نظم الشعر في الحسين بأقواله الكثيرة، كقوله (ع): (ما من أحد قال في الحسين شعرا فكبى وأبكى به إلا أوجب الله له الجنة، وغفر له).

ودخل عليه ذات يوم السيد الحميري فاقل له الإمام: أنشدني في الحسين شعرا، وقام الإمام وضرب سترا لنسائه، واطفاله، وأجلسهم خلف الستر، وجلس حزينا باكيا على مصيبة جده الحسين (ع) ومن حوله أصحابه يقول السيد الحميري فأنشأت:

امرُر على جَدَثِ الحسين فـقل لأعـظمه الزكيه
يـا أعـظما مازلت من وطـفاء سـاكبةٍ رويه
وإذا مــررت بـقبره فـأطل به وقف المطيه
وابـك الـطهر للمطهر والـمـطهرة الـتـقيه

كـبكاء مـعولةٍ أتـت يـوما لـواحدها المنيه

يقول الحميري: فرأيت دموع جعفر بن محمد تتحادر على خديه، وارتفع الصراخ من داره حتى أمرني بالإمساك.

وكان (ع) إذا مرت عليه مصيبة يتذكر مصيبة جده الحسين (ع) ويذكر بها أصحابه، ومن ذلك لما أمر المنصور الدوانيقي محمد بن عبد الملك عامله على المدينة أن يحرق على أبي عبد الله الصادق (ع) داره فجاء ومعه جلاوزته
بالحطب فوضعوه على باب دار الإمام (ع) وأضرموا فيه النار فلما أخذت النار ما في الدهليز تصايحت العلويات داخل الدار وارتفعت أصواتهن فخرج الإمام (ع) وعليه قميص وإزار وفي رجليه نعلان فجعل يخمد النار، ويطفئ الحريق حتى قضى عليها فلما كان الغد دخل عليه بعض شيعته يسألونه فوجدوه حزينا باكيا فقالوا: ممن هذا التأثر والبكاء؟ أمن جرأة القوم عليكم أهل البيت وليس منهم بأول مرة؟ فقال الإمام (ع): لا ولكن لما أخذت النار ما في الدهليز نظرت إلى نسائي وبناتي يتراكضن في صحن الدار من حجرة إلى حجرة، ومن مكان إلى مكان هذا وأنا معهن فتذكرت فرار عيال جدي الحسين (ع) يوم عاشوراء من خيمة إلى خيمة ومن خباء إلى خباء والمنادي ينادي: أحرقوا بيوت الظالمين.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى