الصمت لغة برمجة إنسانية !

رسخ الله عز وجل هذا المعنى في القران الكريم في مضامين بعض الآيات وبالأخص الآيات التي يراد بها قضاء الحاجة معينة ,مثلا عندما دعى النبي زكريا (عليه السلام ) : ((قالَ ربِّ أنِّي وَهَنَ العَظْمُ مِنّي واشْتَعَلَ الرَّأسُ شَيْباً وَلمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبُّ شَقيّاً))[سورة مريم: 4] أمره الله بإلزام الصمت والإيماء بقوله (( قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيةٌ, قَالَ آيَتُكَ ألاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيَّا))[سورة مريم : 10] فأمره بالصمت وعدم الكلام حتى يقضى الله له ما يريد ,وكذلك السيدة مريم أمرها الله بالتزام الصمت عندما حملت واخفت حملها ولم تتكلم لأحد حتى وهب الله لها النبي الذي نطق وهو في المهد عنها ودافع عن امه وعوضها بالصوم .
هنا تتضح معالم لغة الصمت كأن الله يشير إلينا من خلال محكم الآيات الشريفة عندما تطلبوا شيء التزموا الصمت وسيجعل الله بعد ذلك امرا, ولا ننسى قول ” اقضوا حوائجكم بالكتمان ” .
والجمالية الأخرى التي يمكن ان تضيفها على الإنسان هي الهيبة والوقار ويرتبط هذا الأمر بقول الإمام علي (عليه السلام) ((بِكَثْرةِ الصَّمتَ تَكُونُ الهَيْبَةُ)).
ويقترن الصمت بالعلم كقول النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ” أول العلم الصمت والثاني حسن الاستماع والثالث الحفظ والرابع العمل به والخامس نشره “..
جمالية أخرى وهي تدل على كمال العقل كقول الإمام الصادق(عليه السلام)” كمال العقل في ثلاث : التواضع لله وحسن اليقين والصمت إلا من خير” ([1])
ولأهمية هذه اللغة يعقد الجاحظ في كتابه البيان والتبيين باب في الصمت يبين به ما امتازت به تلك اللغة من علو ورفعة لصاحبها وهي تعد لغة البلاغيين والعلماء .
وأخيرا ما نود الإشارة إليه هو أن ندرك قيمة الصمت في حياتنا وان لا نتكلم إلا بما يرضي الله عز وجل ” قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ , الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ , وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ,” [سورة المؤمنون:1-3] كما نلحظ فقد اقترنت لغة الصمت – المتمثلة بالأعراض عن اللغو- بصفات المؤمن.
زينب حميد
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.